فتحاوي عريف
عدد المساهمات : 186 تاريخ التسجيل : 10/08/2009
| موضوع: ال؟؟؟؟انية في المجتمع... تهدم الأوطان لا تبنيها بقلم:معتصم عوض الثلاثاء سبتمبر 15, 2009 8:16 pm | |
| ال؟؟؟؟انية في المجتمع... تهدم الأوطان لا تبنيها
معتصم عوض ذكرني أحد الأصدقاء بقصة حدثت في فرنسا أثناء الإحتلال الألماني للأراضي الفرنسية أثناء الحرب العالمية الثانية، حيث بلغ الجنرال شارلز ديغول بعد الحرب وتحرير الأراضي الفرنسية عن وجود شخص ذو مكانة في فرنسا تخابر مع الألمان أثناء الحرب وعمل لصالحهم، وعند إستجوابه تبين أن كل الذي كان يفعله هو وضع الرجل غير المناسب في المكان المناسب. لا يوجد مجتمع مثالي في الكون، أو آخر اخلاقي مئة في المئة، فكل مجتمع له سيئاته وحسناته، لكن مع ذلك هناك فوارق تختلف من مجتمع لآخر. فمثلاً الفساد موجود في كل مكان في العالم، ولا يوجد مجتمع خال من الفساد، فسنّة الحياة أن يكون هناك خير وشر. وللفساد مؤشرات يمكن قياسها، وهي تتفاوت من مجتمع لآخر. ففي المجتمعات التي تتبنى فعلياً سياسة الحكم الرشيد في إدارة المؤسسات، المرتكزة على النزاهة، والشفافية أو المكاشفة، والمساءلة، يكون مستوى مؤشر الفساد منخفضاً نسبياً، وفي المقابل نجد أن مستوى مؤشرات الفساد يكون عالياً في البلدان التي لا تعتمد سياسة الحكم الرشيد في مؤسساتها، كمبدأ عام أو كقيمة مجتمعية أصيلة. وفي أي مجتمع سليم يتم إختيار الأشخاص للوظائف حسب القاعدة التي تقول: "ضع الرجل المناسب في المكان المناسب". فيتم إختيار الأشخاص حسب مؤهلاتهم العلمية وخبراتهم و سمعتهم وأخلاقهم. وفي المقابل نجد أن في المجتمعات التي يكون فيها مؤشر الفساد مرتفعا، يتم إختيار الأشخاص وفق أسس المصلحة، والشخصانية، والإنتماء السياسي، وصحبة الكاس، ...الخ. وهنا ينشأ ما يسمى مجتمع الإستبداد، أو وأسميه شخصياً "مجتمع ال؟؟؟؟انية". ويتسم مجتمع "الزبانية" بصفات هدّامة مثل النفعية والنفاق والوصولية وصعود أفراده على أكتاف الآخرين والإعتماد على غيرهم، ويكون الشخص الشريف في مراتب دنيوية في السلم الوظيفي، ولا تؤخذ مؤهلاته العلمية وخبراته وسمعته وأخلاقه بعين الإعتبار. ويكون الهدف الأسمى لشريحة "الزبانية" حياكة الدسائس لبعضهم البعض، ويكون الإنتاج آخر همهم. وفيه يعمل الفاسد أولاً وأخيراً على إزاحة كلّ شخص لا يخضع لأهوائه أو من يشكل له منافساً، و تحجيم أي شخص ذات مكانه علمية أو خبرة عملية تفوقه. فيشعر المنتمي لمجتمع "ال؟؟؟؟انية" بالنقص ويحاول طيلة الوقت تقزيم أي عمل يقوم به الآخرون. وبذلك يكون توظيف هذا الشخص في المؤسسة بمثابة تذكرة الهلاك لها. وفي مجتمعنا الفلسطيني يوجد الكثير من الشرفاء والمناضلين وذوي الأخلاق والقيم التي لا يمكن شراءها بثمن بخس، والتي لا تتنازل عن قيمها مهما كلفها الأمر، لكن مع ذلك ما تزال شريحة "ال؟؟؟؟انية" ظاهرة للأعيان. وأتساءل، هل ما نشهده الآن من موجه "الحكم الرشيد" في المؤسسات الفلسطينية، وما نسمعه عن إعادة بناء تلك المؤسسات على أسس سليمة، هي بالفعل إعادة ترسيخ لقيمنا النبيلة أم أنها فقط زوبعة من أجل إرضاء الممول؟ آمل أن لا يكون الجواب من أجل الممول وعند ئذ سنقع في كارثة مجتمعية حقيقية. إن بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية بحاجة إلى مجتمع الشرفاء المناضلين وأولئك الغيورين على مصلحة الوطن، وليس الذين يعملون ليلا ونهارا من أجل مصالحهم الخاصة. والإحتلال لا ينتهي بالنفاق والمحسوبية والوصولية، وإنما بفعل سواعد شرفاء هذا الوطن. إن القضاء على شريحة "الزبانية" لا يأتي بيوم وليلة، ولن تستطيع مؤسسة واحدة مثل مؤسسة "أمان" أن تقضي على هذه المجتمع ذي النفوذ المالي والسياسي والإجتماعي. إن القضاء عليه بحاجة إلى تكثيف الجهود، وإدراجها ضمن الخطة الوطنية، وبالتالي إدراج قيم الحكم الرشيد في التعليم وتسليط الضوء عليه في الإعلام، وضمن برامج مؤسسات المجتمع المدني، وحتى المؤسسات الدينية مثل المساجد. وهنا لا بد أن يتم العمل بجد على هذا الموضوع ضمن أي وثيقة وطنية تقضي بإنهاء الإحتلال وإقامة الدولة. إذ لا شك فيه أن من أهم متطلبات قيام أي الدولة أن تكون مؤسساتها مبنية على أسس سليمة، وإلا فسنخرج من إحتلال إسرائيلي لندخل في إحتلال "ال؟؟؟؟انية". | |
|