فتحاوي عريف
عدد المساهمات : 186 تاريخ التسجيل : 10/08/2009
| موضوع: حق الفقراء من حقوق الإنسان في الإسلام بقلم:د . هدى برهان طحلاوي الثلاثاء سبتمبر 15, 2009 8:04 pm | |
| حق الفقراء من حقوق الإنسان في الإسلام لم يذكره الإعلان العالمي لحقوق الإنسان
اعتبر الله تعالى ورسوله أنّ أموال الناس ليست كلها ملك لهم بل عليهم أن يقتطعوا منها حصة للفقراء المحرومين وهذا منتهى العدل والرحمة . فهي بالتأكيد تفوق حاجتهم إذا بلغت نصاباً معيناً سمي بنصاب الزكاة حيث يفيض المال عن حاجة صاحبه من مأكل ومشرب وملبس ومسكن وكل ما يلزمه من زينة ووسائل راحة وترفيه , فما نفع تكديسها وكنزها وآلاف الفقراء يتضورون جوعاً ويبيتون على الطوى . قال تعالى : " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ" سورة البقرة : 267 وإذا لم يأمر الله ورسوله بهذا الحق لا أحد يرأف لحالهم ويعطيهم من ماله إلا ما ندر وإذا أعطاهم لا يعتبره حقاً لهم بل يمن عليهم بذلك أو يطالبهم بثمن لا يستطيعون دفعه . وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الولاة والحكام كيف يتدرجون بدخول الإسلام وما هي أهم أركانه فقال : (( عن ابن عباس : أن النبي() بعث معاذاً إلى اليمن , فقال : ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله , وأني رسول الله , فإن هم أطاعوا لذلك , فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة , فإن هم أطاعوا لذلك , فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم , تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم )) . وعندما أمر الله ورسوله بالصدقة على الفقراء بين لنا الله ألا نتبع الصدقات بالمن والأذى فكان هذا الحق مصون ومحفوظ مادياً ومعنوياً لهؤلاء الفقراء . " الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ 262/2قَوْلٌ مَّعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِّن صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَآ أَذًى وَاللّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ " سورة البقرة : 262-263 وعلمنا الله تعالى خير الطرق التي تقلل من الأذية تجاه الفقراء وهي السرية التامة دون أن يلغي الإعطاء العلني إذا لم يتبعه من وأذى فقال : " إِن تُبْدُواْ الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاء فَهُوَ خَيْرٌ لُّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ " سورة البقرة : 271 وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((عن أبي هريرة أن رسول الله (r) قال سبعةٌ يظلهم الله عز وجل يوم القيامة يوم لا ظل إلا ظله إمامٌ عادل وشابٌ نشأ في عبادة الله عز وجل ورجلٌ ذكر الله في خلاء ففاضت عيناه ورجلٌ كان قلبه معلقاً في المسجد ورجلان تحابا في الله عز وجل ورجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجمال إلى نفسها فقال إني أخاف الله عز وجل ورجلٌ تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه)) وحتى لا يتعالى أحدٌ على أحد بين الله للناس جميعاً أنهم كلهم فقراء إلى الله الغني المغني مالك الملك رب السموات والأرض فقال : " لَّقَدْ سَمِعَ اللّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاء سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ الأَنبِيَاء بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ الْحَرِيقِ . ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ " سورة آل عمران : 181-182 " يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ15/35إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ16/35وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ " سورة فاطر : 15-17 " هَاأَنتُمْ هَؤُلَاء تُدْعَوْنَ لِتُنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنكُم مَّن يَبْخَلُ وَمَن يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَن نَّفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنتُمُ الْفُقَرَاء وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ " سورة محمد : 38 وفي السورتين الأخيرتين يهدد الله عباده بأنه سيستبدلهم بقوم آخرين أكرم منهم ينفقون في سبيله إذا بخلوا وتولوا وله ما يشاء وليس عليه ذلك بعزيز . ويبين للمؤمنين أن الشيطان يوسوس للأغنياء بالبخل ويعدهم بالفقر إذا أنفقوا من أموالهم كما قال الله تعالى فيه : " الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ268/2يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ " سورة البقرة : 268-269 أي أن الإنسان الحكيم العاقل يعرف أن الله واسع عليم عليه العوض إن أنفق الإنسان من ماله في سبيل الله لا يدري كيف يبارك له الله فيه ويزده على الرغم من كل الحواسيب الشيطانية وإثباتها أنه ينقص ولكن الرزق حقاً بيد الله يهبه لمن يشاء ومتى يشاء . ويحدد الله شريحة الفقراء من الذين تجب عليهم الصدقات فيقول : " إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ " سورة التوبة : 60 ويخص من الفقراء المرابطين في سبيل الله فيقول : " لِلْفُقَرَاء الَّذِينَ أُحصِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا فِي الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاء مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا وَمَا تُنفِقُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللّهَ بِهِ عَلِيمٌ " سورة البقرة : 273 كما يخص أيضاً الفقراء المهاجرين في سبيل الله بقوله : " لِلْفُقَرَاء الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا وَيَنصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ " سورة الحشر : 8 وفي موسم الحج خص الله البائس الفقير في الإطعام فقال : " لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ " سورة الحج : 27 وفي الزواج خص الله الصالحين والصالحات الفقراء وحض على الزواج منهم والاعتماد على الله الذي سيغنيهم من فضله فقال : " وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ " سورة النور : 32 وقال أيضاً : " وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلأَمَةٌ مُّؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلاَ تُنكِحُواْ الْمُشِرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُواْ وَلَعَبْدٌ مُّؤْمِنٌ خَيْرٌ مِّن مُّشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ أُوْلَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَاللّهُ يَدْعُوَ إِلَى الْجَنَّةِ وَالْمَغْفِرَةِ بِإِذْنِهِ وَيُبَيِّنُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ " سورة البقرة : 221 ولم يسمح الله تعالى بالأكل من مال اليتيم إلا للفقراء الذين يعيلون اليتامى حتى يشجعهم على تلك الإعالة فقد لا يعطف على اليتيم بها إلا الفقراء وترك لهم الحرص على أن لا يتجاوزوا حدود المعروف والمعقول فقال : " وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ وَلاَ تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَن يَكْبَرُواْ وَمَن كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَن كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُواْ عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللّهِ حَسِيبًا " سورة النساء : 6 وفي الختام يحث الله تعالى المؤمنين ويأمرهم أن يكونوا قوامين بالقسط في كل شيء على أنفسهم وأهلهم ولو كانوا فقراء عليهم بالعدل والميزان في كل أوامر الله لأن الله في النهاية هو وليّنا سواء كنا فقراء أم أغنياء بيده ملكوت السموات والأرض وهو على كل شيء قدير . " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُواْ الْهَوَى أَن تَعْدِلُواْ وَإِن تَلْوُواْ أَوْ تُعْرِضُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا " سورة النساء : 135
المصادر : 1 . القرآن الكريم 2 . صحيح البخاري 3 . صحيح مسلم 4 . سنن النسائي
د . هدى برهان طحلاوي | |
|