نساء فى الاسلام
ومع قصه
ام المؤمنين السيده حفصه بنت عمر بن الخطاب رضى الله عنهما
إسمها ونسبها
هي حفصة بنت عمر بن الخطاب ، ولدت قبل المبعث بخمسة الأعوام. لقد كانت حفصة زوجة صالحة للصحابي الجليل (خنيس بن حذافة السهمي) الذي كان من أصحاب الهجرتين، هاجر إلى الحبشة مع المهاجرين الأولين إليها فرارا بدينه ، ثم إلى المدينة نصرة لنبيه محمد بن عبدالله صلى الله عليه و سلم، و قد شهد بدرا أولا ثم شهد أحدا، فأصابته جراحه توفي على أثرها ، و ترك من ورائه زوجته ( حفصة بنت عمر ) شابة في ريعان العمر ، فترملت ولها عشرون سنة.
زواج حفصة من الرسول محمد بن عبدالله
تألم عمر بن الخطاب لابنته الشابة ، وأوجعه أن يرى ملامح الترمل تغتال شبابها وأصبح يشعر بانقباض في نفسه كلما رأى ابنته الشابة تعاني من عزلة الترمل، وهي التي كانت في حياة زوجها تنعم بالسعادة الزوجية، فأخذ يفكر بعد انقضاء عد تها في أمرها ، من سيكون زوجا لابنته؟ ومرت الأيام متتابعة ..وما من خاطب لها ، وهو غير عالم بأن النبي صلى الله عليه و سلم قد أخذت من اهتمامه فأسر إلى أبي بكر الصديق أنه يريد خطبتها. ولما تطاولت الأيام عليه وابنته الشابة الأيم يؤلمها الترمل، عرضها على أبي بكر ، فلم يجبه بشيء ، ثم عرضها على عثمان ، فقال : بدا لي اليوم ألا أتزوج . فوجد عليهما وانكسر، وشكا حاله إلى النبي صلى الله عليه و سلم ، فقال : يتزوج حفصة من هو خير من عثمان، يتزوج عثمان من هو خير من حفصة..؟!
وعمر لا يدري معنى قول النبى.. لما به من هموم لابنته ، ثم خطبها النبي ، فزوجه عمر ابنته حفصة ، وينال شرف مصاهرة النبي ، ويرى نفسه أنه قارب المنزلة التي بلغها أبو بكر من مصاهرته من ابنته عائشة ، وهذا هو المقصود والله أعلم من تفكير النبي بخطبة لحفصة بنت عمر ؟!
وزوج رسول الله عثمان بابنته أم كلثوم بعد وفاة أختها رقية، ولما أن تزوج محمد بن عبدالله حفصة ..لقي عمر بن الخطاب أبا بكر.. فاعتذر أبو بكر إليه، وقال : لا تجد علي ، فإن ر سول الله ، كان ذكر حفصة، فلم أكن لأفشي سره ، ولو تركها لتزوجتها ؟!
وبذلك تحققت فرحة عمر وابنته حفصة .. وبارك الصحابة يد محمد بن عبدالله وهي تمتد لتكرم عمر بن الخطاب بشرف المصاهرة منه عليه الصلاة والسلام ، وتمسح عن حفصة آلام الترمل والفرقة.وكان زواجه صلى الله عليه وسلم بحفصة سنة ثلاث من الهجرة على صداق قدره 400 درهم، وسنها يوميئذ عشرون عاما
حفصة في بيت النبوة
وقد حظيت حفصة بنت عمر بن الخطاب –ا - بالشرف الرفيع الذي حظيت به سابقتها عائشة بنت أبي بكر الصديق !!.وتبوأت المنزلة الكريمة من بين أمهات المؤمنين نَّ !!..
وتدخل (حفصة ) بيت النبي صلى الله عليه وسلم ... ثالثة الزوجات في بيوتاته عليه الصلاة والسلام .. فقد جاءت بعد سودة بنت زمعة ..و عائشة بنت أبي بكر ..
أما سودة بنت زمعة فرحبت بها راضية .. وأما عائشة بنت أبي بكر فحارت ماذا تصنع مع هذه الزوجة الشابة.. وهي من هي! بنت الفاروق عمر بن الخطاب .. الذي أعز الله به الإسلام قديما .. وملئت قلوب المشركين منه ذعرا!!..
وسكتت عائشة بنت أبي بكر أمام هذا الزواج المفاجئ وهي التي كانت تضيق بيوم ضرتها سودة بنت زمعة التي ما اكترثت لها كثيرا …فكيف يكون الحال معها حين تقتطع (حفصة) من أيامها مع الرسول صلى الله عليه وسلم ثلثها؟!.
وتتضاءل غيرة عائشة بنت أبي بكر من حفصة لما رأت توافد زوجات أخريات على بيوتات النبي صلى الله عليه وسلم…" زينب بنت جحش …و أم سلمة…و زينب بنت خزيمة الأخرى ..و جويرية بنت الحارث … و صفية بنت حيي بن أخطب .." إنه لم يسعها إلا أن تصافيها الود…وتسر حفصة لود ضرتها عائشة بنت أبي بكر …وينعمها ذلك الصفاء النادر بين الضرائر؟.!..
صفاتها
حفصة) أم المؤمنين …الصوامة .. القوامة… شهادة صادقة من أمين الوحي جبريل -- !! … وبشارة محققه : إنها زوجتك – يا رسول الله- في الجنة!!… وقد وعت حفصة مواعظ الله حق الوعي .. وتأدبت بآداب كتابه الكريم حق التأدب... وقد عكفت على المصحف تلاوة و تدبرا و تفهما و تأملا ..مما أثار انتباه أبيها الفاروق عمر بن الخطاب إلى عظيم اهتمامها بكتاب الله تبارك و الله !! مما جعله يوصي بالمصحف الشريف الذي كتب في عهد أبي بكر الصديق بعد وفاة النبي صلى الله عليه و سلم .. و كتابه كانت على العرضة الأخيرة التي عارضها له جبريل مرتين في شهر رمضان من عام وفاته صلى الله عليه و سلم………..إلى ابنته (حفصة) أم المؤمنين!!..
حفظ نسخة القرآن المكتوب عند حفصة : الوديعة الغالية
روى أبو نعيم عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال : " لما أمرني أبوبكر فجمعت القرآن كتبته في قطع الأدم وكسر الأكتاف والعسب، فلما هلك أبو بكر رضي الله عنه- أي : توفي – كان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده- أي: على رق من نوع واحد – فلما هلك عمر كانت الصحيفة عند حفصة زوجة النبي ، ثم أرسل عثمان بن عفان إلى حفصة ا ، فسألها أن تعطيه الصحيفة ؛ و حلف ليردنها إليها، فأعطته ، فعرض المصحف عليها ، فردها إليها ، وطابت نفسه ، و أمر الناس فكتبوا المصاحف …!
و قد امتاز هذا المصحف الشريف بخصائص الجمع الثاني للقرآن الكريم الذي تم إنجازه في خلافة أبي بكر الصديق ، بمشورة من عمر بن الخطاب ، و ذلك بعد ما استحر القتل في القراء في محاربة ( مسيلمة الكذاب ) حيث قتل في معركة اليمامة ( سبعون ) من القراء الحفظة للقرآن باسره .. وخصائص جمع هذا المصحف نجملها فيما يلي 4 :
أولا : أن كل من كان قد تلقى عن رسول الله شيئا من القرآن أتى وأدلى به إلى زيد بن ثابت .
ثانيا : أن كل من كتب شيئا في حضرة النبي صلى الله عليه و سلم من القرآن الكريم أتى به إلى زيد .
ثالثا : أن زيدا كان لا يأخذ إلا من أصل قد كتب بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم.
رابعا : أن الجمع بعد المقارنة بين المحفوظ في الصدور ، و المرسوم في السطور ، و المقابلة بينهما ، لا بمجرد الاعتماد على أحدهما.
خامسا : أن زيدا كان لا يقبل من أحد شيئا حتى يشهد معه شاهدان على سماعه و تلقيه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم مباشرة بلا واسطة ؛ فيكون بذلك هذا الجمع قد تم فيه التدوين الجماعي ، و الثلاثة أقل الجمع.
سادسا : أن ترتيب هذا المصحف الشريف – الأول من نوعه – و ضبطه كان على حسب العرضة الأخيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل التحاقه بالرفيق الأعلى.
وقد شارك زيد في هذه المهمة العظيمة عمر بن الخطاب فعن عروة بن الزبير أن أبا بكر قال لعمر و زيد بن ثابت : " اقعدا على باب المسجد ، فمن جاءكم بشاهدين على شيء من كتاب الله فاكتباه " !!.. قال الحافظ السخاوي في (جمال القراء) 5 : " المراد انهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي النبي صلى الله عليه و سلم ، أو المراد أنهما يشهدان على أن ذلك من الوجوه التي نزل بها القرآن ".
ولما أجمع الصحابة على أمر أمير المؤمنين عثمان بن عفان في جمع الناس على مصحف إمام يستنسخون منه مصاحفهم .." أرسل أمير المؤمنين عثمان إلى أم المؤمنين حفصة ا أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف " ..
تلك هي الوديعة الغالية !!.. التي أودعها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عند ابنته حفصة أم المؤمنين.. فحفظتها بكل أمانة .. ورعتها بكل صون ...فحفظ لها الصحابة … والتابعون …. وتابعوهم من المؤمنين إلى يومنا هذا … وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها .. ذلك الذكر الجميل الذي تذكر فيه كلما تذاكر المسلمون جمع المصحف الشريف في مرحلتيه … في عهد الصديق أبي بكر … وعهد ذي النورين عثمان… وبعد مقتل عثمان…إلى آخر أيام علي….بقيت حفصة عاكفة على العبادة صوامة قوامة … إلى أن توفيت في أول عهد معاوية بن أبي سفيان …وشيعها أهل المدينة إلى مثواها الأخير في البقيع مع أمهات المؤمنين ن.
وفاتها
توفيت حفصة ا سنة إحدى وأربعين بالمدينة عام المجاعة ، ودفنت في البقيع. وروت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عدة أحاديث.
ملخص لما سبق
أم المؤمنين حفصة بنت عمر بن الخطاب ، احدى زوجات نبي الله ورسول الاسلام محمد بن عبد الله ، أمها زينب بنت مظعون . ولدت في مكة قبل بعثة محمد بن عبد الله بخمس سنوات .
تزوجها قبل الرسول محمدصلى الله عليه وسلم خُنيس بن حُذافة السهمي وأسلمت هي و خنيس ،وهاجرت معه إلى المدينة المنورة فلما تُوفي زوجها خُنيس تزوجها رسول الله محمد بن عبد الله في السنة الثالثة من الهجرة النبوية ، وعمرها يقارب 20 سنة ، وذلك بعد زواجه بالسيدة عائشة بنت ابي بكر .
ويروى ان عمر بن الخطاب عرض على كل من عثمان بن عفان و أبو بكر الصديق ان يتزوجوها بعد ان توفي زوجها ، ولكن عثمان لم يرد ان يتزوج وسكت أبو بكر الصديق عن الرد لانه كان يعلم ان لها في نفس محمد ، فلما تزوج الرسول منها ، ذكر أبو بكر لعمر انه لو لم يكن يعلم بان محمد يريدها لتزوجها. كما روي ان رسول الله طلّق حفصة تطليقةً ، ثم راجعها بأمر جبريل له بذلك ، وقال : ( إنها صوّامة ، قوّامة ، وهي زوجتك في الجنة ) .
ومن مناقبها أنه جُمع عندها الصحف المكتوب فيها القرآن بعد أن كانت عند الخليفة أبي بكر ثم عند أمير المؤمنين عمر بن الخطاب .
روى لها البخاري و مسلم في الصحيحين ستين حديثًا.