منتديات الاصالة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا بك اخي/ اختي الزائر/ه تشرفنا بزيارتكم لنا
ان لم تكن عضو معنا في منتديات الاصالة نتشرف بان تنضم معنا وتسجل في منتدياتنا

ادارة منتديات الاصالة
منتديات الاصالة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اهلا بك اخي/ اختي الزائر/ه تشرفنا بزيارتكم لنا
ان لم تكن عضو معنا في منتديات الاصالة نتشرف بان تنضم معنا وتسجل في منتدياتنا

ادارة منتديات الاصالة
منتديات الاصالة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الاصالة

منتديات الاصالة ترحب بكم|alasaalahسياسيه،اخباريه،ثقافيه،دينيه،ترفيهية،رياضيه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء ))

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
محمد
المشرف العام



عدد المساهمات : 1001
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
الموقع : alasaalah.ahlamontada.net

سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء )) Empty
مُساهمةموضوع: سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء ))   سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء )) Emptyالخميس سبتمبر 24, 2009 9:27 am


الجزء الاول :



سوء الإختيار :

الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، وأشهد أن لا إله إلا الله، شهادة واجبة على الإنس والجان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وخير من دعا إليه بإحسان.

وبعد؛
فإن من أعظم الشركات التي يؤسسها الإنسان هي الشركة بين الزوج وزوجه؛ لأن منتجات هذه الشركة عبارة عن ذرية هي أفضل ما في هذا الوجود، قال تعالى: {وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً} [الإسراء: 70]، وهذه الذرية يرجى لها حمل أمانة الدين، وصيانة التوحيد، وحماية الديار والأعراض، وبناء المجتمع المسلم والأمة المسلمة المنوط بها قيادة الإنسانية إلى بر الأمان لتسعد في الدنيا والآخرة، وبناءً على هذا لا بد من الحذر والحيطة في اختيار كل شريك لشريكه، وأن يلتزم الشريكان أُسسًا جاء بها الشرع المطهر عند هذا الاختيار. وتركُ هذه الأسس يجعل الاختيار سيئًا ويكون من أعظم الأخطار التي تهدد كيان هذه اللبنة الأولى-الأسرة- وإليك أيها المكرم هذه الأسس.

أولاً: الدين:

إن الدين أعظم وشيجة تربط بين الزوجين، لأن حب الزوجين لبعضهما هو حب فطري، فإذا تُوج هذا الحب الفطري بالحب في الله صار الزوجان من أسعد الناس، ومن اختار شريكه على غير أساس الدين فقد أساء وتعدى وظلم نفسه وغيره، لقوله تعالى: {الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ} [النساء: 34]، ولقوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّـهُ}
[النور: 32].
ولما رواه أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أتاكم من ترضون خُلُقه ودينه فزوجوه، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض». (حسن لغيره - السلسلة الصحيحة 1022).
ولما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تُنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، ولجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك». (اللؤلؤ والمرجان 928).
ومعنى قوله: «فاظفر بذات الدين» أي: عليك بذات الدين فإن هذا هو اللائق بذوي المروءات وأصحاب الديانات أن يكون الدين هو أساس الاختيار، وخصوصًا فيما يدوم وتطول عشرته كالزوجة. ومعنى «تربت يداك» من ترب الرجل إذا افتقر، وهي كلمة شائعة، أي: افتقرت يداك إن خالفت ما أمرتك به وهو الظفر بذات الدين، ولأن صاحب الدين كنز وخير من ملء الأرض من الفساق وممن رق دينهم أو لا دين لهم، لما رواه البخاري عن سهل قال: مر رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «ما تقولون في هذا ؟» قالوا: حَرِيٌّ إن خطب أن يُنكح وإن شَفَعَ أن يشفَّع وإن قال أن يُسْتَمَع، قال: ثم سكت. فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: «ما تقولون في هذا؟» قالوا: حري إن خطب ألا ينكح، وإن شفع ألا يشفَّع، وإن قال ألا يُستمع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «هذا خير من ملء الأرض مثل هذا». (فتح الباري 5091).

والمرأة الصالحة هي خير ما يكتنز، لما رُوي عن ثوبان قال: لما نزل في الفضة والذهب ما نزل، قالوا: فأي المال نتخذُ ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : «ليتخذ أحدكم قلبًا شاكرًا، ولسانًا ذاكرًا، وزوجة مؤمنةً تعين أحدكم على أمر الآخرة». (صحيح الجامع برقم 5231).
ولما رواه مسلم عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة». (مسلم 1467).
وعن سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربع من السعادة: المرأة الصالحة، والمسكن الواسع، والجار الصالح، والمركب الهنيء، وأربع من الشقاء: الجار السوء، والمرأة السوء، والمركب السوء، والمسكن الضيق». (الصحيحة برقم 283).

ولما كانت المرأة الصالحة الديّنة هي من خير الكنوز وخير المتاع ومن مفاتيح السعادة، كان السلف الصالح يحرصون على الزواج بها تحصيلاً لما سبق ورجاءَ أن يرزقوا بذرية صالحة، ومن أمثلة ذلك ما ورد في الصحيحين من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه في المرأة التي جاءت لتهب نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يقض فيها النبي صلى الله عليه وسلم شيئًا، فاختارها رجل من أصحابه وزوجها له النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: «فقد ملكتكها بما معك من القرآن». وفاز الصحابي بزوجة أثنى عليها القرآن بالإيمان بقوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ} [الأحزاب: 50].

وكذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما مر ذات ليلة فسمع امرأة تقول لابنة لها: قومي إلى ذلك اللبن فامذقيه بالماء، فأجابت الفتاة: يا أماه، أو ما علمت بما كان من عزمة أمير المؤمنين، قالت المرأة: وما كان من عزمة أمير المؤمنين يا بنية ؟ قالت: إنه أمر مناديًا فنادى: لا يشاب اللبن بالماء، فردت المرأة قائلة: يا بنية قومي إلى اللبن فامذقيه بالماء فإنك في موضع لا يراك عمر ولا منادي عمر، فردت الفتاة على الفور: يا أماه، إن كان عمر لا يعلم فإله عمر يعلم، والله ما كنت لأطيعه في الملأ وأعصيه في الخلاء. فلما أصبح عمر رضي الله عنه قال لابنه عاصم: اذهب إلى مكان كذا وكذا فإن هناك صبية فإن لم تكن مشغولة فتزوج بها لعل الله أن يرزقك منها نسمة مباركة. وصدقت فراسة عمر رضي الله عنه وتزوج عاصم بها فولدت له أم عاصم، تزوجها عبد العزيز بن مروان، فولدت له عمر بن عبد العزيز الخليفة والأمير العادل. [الرياض النضرة في مناقب العشرة].

وكذا الحال بالنسبة للزوج الصالح صاحب الدين والخلق، كان السلف الصالح لا يتحرجون من عَرْضِ بناتهم على الصالحين كما ذكر ذلك القرآن على لسان صالح مدين لما عرض إحدى ابنتيه على موسى عليه السلام، قال تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّـهُ مِنَ الصَّالِحِينَ} [القصص: 27]، وبوَّب البخاري رحمه الله في صحيحه في كتاب النكاح بابًا سماه: عرض الإنسان ابنته أو أخته على أهل الخير، وذكر حديثًا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن عمر رضي الله عنه حين تأيمت حفصةُ رضي الله عنها من خُنيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه-وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستشهد ببدرٍ- فقال عمر: أتيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقال: سأنظر في أمري. فلبث ليالي ثم لقيني فقال: قد بدا لي ألا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق، فقلت: إن شئت تزوجت حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إليَّ شيئًا، وكنت أَوْجَد عليه مني على عثمان، فلبث ليالي ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحتها فلقيني أبو بكر فقال: لعلك وَجَدتَ عليَّ حين عرضت عليَّ حفصة فلم أرجع إليك شيئًا ؟ قال عمر: نعم. قال أبو بكر: فإنه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت عليَّ إلا أني كنت علمتُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلتُها. [فتح الباري 5122].
ويقول ابن حجر في تعليقه على الحديث: وفيه عرض الإنسان بنته وغيرها من مولياته على من يعتقد خيره وصلاحه؛ لما فيه من النفع العائد على المعروض عليه، وأنه لا استحياء في ذلك، وفيه أنه لا بأس بعرضها عليه ولو كان متزوجًا؛ لأن أبا بكر كان حينئذ متزوجًا، وذكر أيضًا رواية عند الطبري وصححه هو والحاكم «أن عثمان خطب إلى عمر بنته فرده، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فلما راح إليه عمر قال: يا عمر، ألا أدلك على ختن خير من عثمان وأدل عثمان على ختن خير منك ؟ قال: نعم يا نبي الله، قال: تزوجني بنتك وأزوج عثمان بنتي». قال الحافظ الضياء: إسناده لا بأس به. (فتح الباري: 9 ص 82، 83 بتصرف).

وكذا فعل سعيد بن المسيب، قال أبو وَدَاعَةَ: كنت أجالس سعيد بن المسيب ففقدني أيامًا، فلما جئتُهُ قال: أين كنت؟ قلت: توفيت زوجتي فاشتغلت بها، فقال: هلا أخبرتنا فشهدناها، فلما أردت أن أقوم، قال: هل أحدثت امرأةً غيرها. فقلت: يرحمك الله، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟! قال: إن فعلتُ تفعلُ. قلت: نعم، ثم حمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وزوجني ابنته على درهمين، وفي مساء ذلك اليوم إذا بالباب يُقرع، فقلت: من هذا؟ فقال: سعيد، ففكرت في كل إنسان أعرفه اسمُه سعيد إلا سعيد بن المسيب، فإنه لم ير منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وفتحت الباب وإذا سعيد بن المسيب، فظننت أنه بدا له، فقلت: فما تأمرني، قال: رأيتك رجلاً ع؟؟؟؟ًا فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه زوجتك، فإذا هي قائمة خلفه في طوله، ثم وضعها ورد الباب. (موارد الظمآن لدروس الزمان 4/228، 229).

وكذا حدث لوالد الإمام عبد الله بن المبارك، كان أبوه المبارك يحرس بستانًا ولم يأكل منه رمانة واحدة، وجاءه صاحب البستان يومًا ومعه أصحابه وطلب منه رمانًا حلوًا فأتاه برمان حامض، فقال له صاحب البستان: ما تعرف الحلو من الحامض؟ قال: لم تأذن لي أن آكل حتى أعرف الحلو من الحامض، فقال له صاحب البستان: عندي ابنة واحدة فلمن أزوجها ؟ فقال: اليهود يزوجون للمال، والنصارى للجمال، والعرب للحسب، والمسلمون يزوجون للتقوى، فمن أي الأصناف أنت زوّج ابنتك للصنف الذي أنت منه، فقال: وهل يوجد أتقى لله منك، ثم زوجه ابنته. (الجزاء من جنس العمل 2/106).

فالحرص الحرص على اختيار الدَّيِّن من الرجال والدَّيِّنة من النساء، وعدم الانخداع بالصور والمناظر الحسنة دون البحث والتفتيش عن الدين والتقوى.


ثانيًا: أن تكون ولودًا:
لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74]،
ولأن حب الذرية أمر فطري لقوله تعالى: {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلاَةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ} [إبراهيم: 40]،
وقوله: {وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِنْ وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 5، 6]،
ولما رواه معقل بن يسار رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت امرأةً ذات حسب وجمال وإنها لا تلد أفأتزوجها؟ قال: لا، ثم أتاه الثانية فنهاه، ثم أتاه الثالثة، فقال: «تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم». [الحاكم 2/162، وصححه ووافقه الذهبي، وذكره الألباني في الإرواء 1811].

وتعرف الولود بالنظر إلى حالها من كمال جسمها وسلامة صحتها من الأمراض التي تمنع الحمل والولادة، وأنها من نساء يعرفن بكثرة الأولاد، فإن كانت أمها وأختها وخالتها وعمتها والقريبات لها من النساء ولودات فالغالب والله أعلم أن تكون مثلهن.

ثالثًا: أن تكون بكرًا:
لما رواه الشيخان من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: هلك أبي وترك سبع بنات- أو تسع بنات، فتزوجت امرأة ثيبًا، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تزوجت يا جابر؟». فقلت: نعم. فقال: «بكرًا أم ثيبًا؟» قلت: بل ثيبًا. قال: «فهلا جارية تلاعبها وتلاعبك وتضاحكها وتضاحكك». فقلت له: إن عبد الله هلك وترك بنات وإني كرهت أن أجيئهن بمثلهن فتزوجت امرأة تقوم عليهن وتصلحهن. فقال: «بارك الله» أو «خيرًا». [اللؤلؤ والمرجان 930].
وقال صاحب «عون المعبود» تعليقًا على الحديث: وفيه دليل على استحباب نكاح الأبكار إلا المقتضي لنكاح الثيب كما وقع لجابر، فجابر مات أبوه وترك له تسع أخوات يتيمات يحتجن منه إلى رعاية وعطف وخدمة، فكان من الملائم له أن يتزوج ثيبًا تقوم على أمرهن وتعنى بشأنهن. [عون المعبود 6/44].
ولأن الثيب غالبًا ما تكون متعلقة القلب بالزوج الأول، فربما تكون محبتها لزوجها غير كاملة.

رابعًا: أن تكون ذات حسب:
لما سبق من حديث الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه: «تُنكح المرأة لأربع»، وذكر الحسب، وحديث عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وأنكحوا إليهم». [الصحيحة برقم 1067 وسنده صحيح].
وإذا تساوت المرأة مع غيرها في الدين تقدم ذات الحسب، والحسب مأخوذ من عَدِّ وحسابِ مآثر الآباء ومناقبهم فيحكم لمن زادت مناقبه وفضائله بأنه ذو حسب.

خامسًا: السلامة من العيوب المنفرة والأمراض السارية والعلل المعدية:
لما رواه الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يُورِدَن المُمْرِضُ عَلَى مُصِحِّ». [اللؤلؤ والمرجان 1436]، وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ». [الصحيحة برقم 250].
وقال ابن القيم رحمه الله: إن كل عيب ينفر أحد الزوجين من الآخر ولا يحصل به مقصود النكاح من الرحمة والمودة يوجب الخيار أي أن يمسكها الزوج أو يطلقها، وعن علي رضي الله عنه: أيما امرأةٍ نكحت وبها بَرَصُ أو جنون أو جذام أو قَرَنٌ فزوجها بالخيار ما لم يمسها إن شاء أمسك وإن شاء طلق، وإن مسها فلها المهر بما استحل من فرجها. وقال أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لمن تزوج امرأة وهو لا يولد له أَخْيِرْهَا أنك عقيمٌ وخيِّرها. [زاد المعاد 183-184 بتصرف].

سادسًا: أن تكون من أهل الاحتشام والعفة:
فلا يعرف عنها سفور ولا تبرج، وأن يمنعها حياؤها من إبراز مفاتن جسدها؛ لما رواه أبو أذينة الصدفي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «شر نسائكم المتبرجات المتخيّلات وهنَّ المنافقات لا يدخل الجنة منهن إلا مثل الغراب الأعصم». [الصحيحة برقم 1846 وسنده صحيح]. والغراب الأعصم: هو الغراب أبيض الجناحين.

سابعًا: ألا تكون مخطوبة للغير:
لما رواه البخاري أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول: «نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يبيع بعضكم على بيع بعض، ولا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب». [فتح الباري 9/5142].
وقال ابن حجر: واستدل به على تحريم خطبة المرأة على خطبة امرأة أخرى إلحاقًا لحكم النساء بحكم الرجال، وصورته أن ترغب امرأة في رجل وتدعوه إلى تزويجها فيجيبها كما تقدم فتجيء امرأة أخرى فتدعوه وترغبه في نفسها وتزهده في التي قبلها، وقد صرحوا باستحباب خطبة أهل الفضل من الرجال، ولا يخفى أن محل هذا إذا كان المخطوب عزم ألا يتزوج إلا بواحدة، فأما إذا جمع بينهما فلا تحرم.

وإذا فاتك أيها الكريم التزام هذه الأسس عند بداية زواجك، فالزم طريق الهداية، فإن الله تعالى يزيد الذين اهتدوا هدًى، وتمسك بالكتاب والسنة أنت وأهلك حتى يأتيك اليقين، وجاهد في الله تعالى نفسك وأهلك يهدك الله سبيل الرشاد، وصلى الله على نبينا محمد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alasaalah.ahlamontada.net
محمد
المشرف العام



عدد المساهمات : 1001
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
الموقع : alasaalah.ahlamontada.net

سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء )) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء ))   سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء )) Emptyالخميس سبتمبر 24, 2009 9:28 am

الجزء الثاني :




الزواج تاج الفضيلة

الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد رحمه الله



الزواج سنّة الأنبياء والمرسلين، قال الله تعالى: { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً } [الرعد: 38].

وهو سبيل المؤمنين، استجابة لأمر الله سبحانه: { وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ.وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ } [النور:32-33].

فهذا أمرٌ من الله عز شأنه للأولياء بإنكاح من تحت ولايتهم من الأيامي -جمع أيم: وهم من لا أزواج لهم من رجال ونساء-، وهو من باب أولى أمر لهم بإنكاح أنفسهم طلباً للعفة والصيانة من الفاحشة. واستجابة لأمر رسول الله فيما رواه ابن مسعود أن رسول الله قال: « يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء » متفق على صحته.

والزواج تلبية لما في النوعين: الرجل والمرأة من غريزة النكاح -الغريزة الجنسية- بطريق نظيف مثمر.

ولهذه المعاني وغيرها لا يختلف المسلمون في مشروعية الزواج، وأن الأصل فيه الوجوب لمن خاف على نفسه العنت والوقوع في الفاحشة، لا سيما مع رقة الدين، وكثرة لمغريات، إذ العبد ملزم بإعفاف نفسه، وصرفها عن الحرام، وطريق ذلك: الزواج.

ولذا استحبَّ العلماء للمتزوج أن ينوي بزواجه إصابة السنة، وصيانة دينه وعرضه، ولهذا نهى الله سبحانه عن العَضْلِ، وهو: منع المرأة من الزواج، قال الله تعالى: { فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ } [البقرة: 232].

ولهذا أيضاً عظَّم الله سبحانه شأن الزواج، وسَمَّى عقده: { مِّيثَاقاً غَلِيظاً } في قوله تعالى: { وَأَخَذْنَ مِنكُم مِّيثَاقاً غَلِيظاً } [النساء: 21].

وانظر إلى نضارة هذه التسمية لعقد النكاح، كيف تأخذ بمجامع القلوب، وتحيطه بالحرمة والرعاية، فهل يبتعد المسلمون عن اللقب الكنسي (العقد المقدّس) الوافد إلى كثير من بلاد المسلمين في غمرة اتباع سَنَن الذين كفروا ؟!!

فالزواج صلة شرعية تُبْرم بعقد بين الرجل والمرأة بشروطه وأركانه المعتبرة شرعاً. ولأهميته قَدَّمه أكثر المحدِّثين والفقهاء على الجهاد، ولأن الجهاد لا يكون إلا بالرجال، ولا طريق له إلا بالزواج، وهو يمثل مقاماً أعلى في إقامة الحياة واستقامتها، لما ينطوي عليه من المصالح العظيمة، والحكم الكثيرة، والمقاصد الشريفة، منها:

1 ـ حفظ النسل وتوالد النوع الإنساني جيلاً بعد جيل، لتكوين المجتمع البشري، لإقامة الشريعة وإعلاء الدين، وعمارة الكون، وإصلاح الأرض، قال الله تعالى: { يأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَآءً } الآية [النساء:1] ، وقال الله تعالى: { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَآءِ بَشَراً فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيراً } [الفرقان:54]. أي: أن الله سبحانه وتعالى هو الذي خلق الآدمي من ماء مهين، ثم نشر منه ذرية كثيرة وجعلهم أنساباً وأصهاراً متفرقين ومجتمعين، والمادة كلها من ذلك الماء المهين، فسبحان الله القادر البصير.

ولذا حثَّ النبي على تكثير الزواج، فعن أنس أن رسول الله قال: « تزوجوا الولود الودود، فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة » رواه الإمام أحمد في مسنده.

وهذا يرشح الأصل المتقدم للفضيلة: (القرار في البيوت) لأن تكثير النسل غير مقصود لذاته، ولكن المقصود -مع تكثيره- صلاحه واستقامته وتربيته وتنشئته، ليكون صالحاً مصلحاً في أمته وقُرَّة عين لوالديه، وذِكراً طيباً لهما بعد وفاتهما، وهذا لا يأتي من الخرّاجة الولاّجة، المصروفة عن وظيفتها الحياتية في البيت، وعلى والده ال؟؟؟ب والإنفاق لرعايته، وهذا من أسباب الفروق بين الرجل والمرأة.

2 ـ حفظ العرض، وصيانة الفرج، وتحصيل الإحصان، والتحلي بفضيلة العفاف عن الفواحش والآثام. وهذا المقصد يقتضي تحريم الزنى ووسائله من التبرج والاختلاط والنظر، ويقتضي الغيرة على المحارم من الانتهاك، وتوفير سياجات لمنع النفوذ إليها، ومن أهمها: ضرب الحجاب على النساء، فانظر كيف انتظم هذان المقصدان العمل على توفير أصول الفضيلة -كما تقدم- .

3 ـ تحقيق مقاصد الزواج الأخرى: من وجود سكن تطمئن فيه الزوجة من الكدر والشقاء، والزوج من عناء الكد وال؟؟؟ب: { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوف } [البقرة:228] .

فانظر كيف تتم صلة ضعف النساء بقوة الرجال، فيتكامل الجنسان.

والزواج من أسباب الغنى ودفع الفقر والفاقة، قال الله تعالى: { وَأَنْكِحُواْ الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ إِن يَكُونُواْ فُقَرَآءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ } [النور:32].

والزواج يرفع كل واحد منهما من عيشة البطالة والفتنة إلى معاش الجد والعفة، ويتم قضاء الوطر واللذة والاستمتاع بطريقه المشروع: الزواج .

وبالزواج يستكمل كل من الزوجين خصائصه، وبخاصة استكمال الرجل رجولته لمواجهة الحياة وتحمل المسؤولية. وبالزواج تنشأ علاقة بين الزوجين مبنية على المودة والرحمة والعطف والتعاون، قال الله تعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُواْ إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ } [الروم:21].

وبالزواج تمتد الحياة موصولة بالأسر الأخرى من القرابات والأصهار، مما يكون له بالغ الأثر في التناصر والترابط وتبادل المنافع. إلى آخر ما هنالك من المصالح التي تكثر بكثرة الزواج، وتقل بقلته، وتفقد بفقده.

وبالوقوف على مقاصد الزواج، تعرف مضار الانصراف عنه؛ من انقراض النسل، وانطفاء مصابيح الحياة، وخراب الديار، وقبض العفة والعفاف، وسوء المنقلب.

ومن أقوى العلل للإعراض عن الزواج: ضعف التربية الدينية في نفوس الناشئة، فإن تقويتها بالإيمان ي؟؟؟بها العفة والتصون، فيجمع المرء جهده لإحصان نفسه { وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } [الطلاق:2].

ومن أقوى العلل للإعراض عن الزواج: تفشي أوبئة السفور والتبرج والاختلاط؛ لأن العفيف يخاف من زوجة تستخف بالعفاف والصيانة، والفاجر يجد سبيلاً محرماً لقضاء وطره، متقلباً في بيوت الدعارة -نعوذ بالله من سوء المنقلب-.

فواجب لمكافحة الإعراض عن الزواج: مكافحة السفور والتبرج والاختلاط، وبهذا يُعلم انتظام الزواج لأصول الفضيلة المتقدمة.




المنهج النبوي في التعامل مع النساء


لقد أمر الله تعالى بأن يُعاشر النساء بالمعروف فقال جل ذكره: (وعاشروهن بالمعروف) والمعروف كلمة جامعة لكل فعل وقول وخلق نبيل، يقول الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ في التفسير: أي طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وكان من أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه جميل العشرة، دائم البشر، يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويوسعهم نفقته، ويضاحك نساءه.


لقد كان عليه الصلاة والسلام القدوة الحسنة لأمته، والنموذج البشري الكامل، قال جلّ ذكره: (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) والحديث عن هديه عليه الصلاة والسلام مع النساء حديث طويل متشعب، ولا غرو فقد أوضح لأمته: (أنهن شقائق الرجال) ولعلي أقصر حديثي عن هديه الشريف مع نسائه، أو بعبارة أخرى: كيف عاش عليه الصلاة والسلام زوجًا؟ وكيف تعامل مع نسائه؟ وكيف راعى نفسياتهن؟ وما هي وصاياه وإرشاداته للرجال بضرورة رعاية حقهن زوجات، وأمهات لأولادهم؟ وحسبي أن أسوق بعض الأحاديث دون شرح أو تعليق، فهي كافية في إيضاح المراد مكتفيا بالإشارة إلى بعض ما تدل عليه تلك الأحاديث الشريفة:


* فقد أوصى بهن خيرًا في نصوص كثيرة: منها حديث أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (اللهم إني أحرج حق الضعيفين اليتيم والمرأة) وحديث أبي ذر عن سمرة بن جندب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن المرأة خلقت من ضلع فإن أقمتها ؟؟؟رتها فدارها تعش بها). وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وخياركم خيارهم لنسائهم) وفي لفظ (وألطفهم بأهله).


وعن بهز قال: حدثني أبي عن جدي قال: قلت: يا رسول الله نساؤنا ما نأتي منها و ما ندع؟ قال: (حرثك أنى شئت، غير أن لا تقبح الوجه، ولا تضرب، وأطعمها إذا طعمت، وا؟؟؟ها إذا اكتسيت، ولا تهجرها إلا في بيتها، كيف وقد أفضى بعضكم إلى بعض إلا بما حل عليها).


* وخوّف ورهّب من تزوج بأكثر من واحدة ثم لم يعدل بينهن: عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له امرأتان يميل لإحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة أحد شقيه مائل).


* وأرشد بفعاله ومقاله إلى أهمية مراعاة ما طبعن عليه من الغيرة: عن أنس قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم عند إحدى أمهات المؤمنين فأرسلت أخرى بقصعة فيها طعام، فضربت يد الرسول فسقطت القصعة فانكسرت، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى، فجعل يجمع فيها الطعام ويقول: غارت أمكم كلوا، فأكلوا فأمر حتى جاءت بقصعتها التي في بيتها فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول، وترك المكسورة في بيت التي ؟؟؟رتها"، وعن عائشة قالت: "افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسست ثم رجعت فإذا هو راكع أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت، فقلت بأبي وأمي إنك لفي شأن، وإني لفي آخر"، وقالت أيضاً: " التمست رسول الله صلى الله عليه وسلم فأدخلت يدي في شعره، فقال: قد جاءك شيطانك! فقلت: أما لك شيطان؟ قال: بلى، ولكن الله أعانني عليه فأسلم".


* وكان وفيا لبعض نسائه غاية الوفاء حتى بعد وفاتهن: فعن عائشة قالت: "ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، من كثرة ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم لها، قالت: وتزوجني بعدها بثلاث سنين ".


* كما كان عليه الصلاة والسلام يتيح لهن أن ينفذن شيئًا من غيرتهن بحيث لا يتجاوزن الحد المشروع، ويضفي على سلوكهن ذلك المرح والابتسامة: فعن أبي سلمة قال: قالت عائشة: ''زارتنا سودة يوما فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بيني وبينها إحدى رجليه في حجري والأخرى في حجرها فعملت لها حريرة، أو قال: خزيرة، فقلت: كلي فأبت، فقلت لتأكلي أو لألطخن وجهك فأبت، فأخذت من القصعة شيئا فلطخت به وجهها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجله من حجرها تستقيد مني، فأخذت من القصعة شيئا فلطخت به وجهي، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك، فإذا عمر يقول: يا عبد الله بن عمر! يا عبد الله بن عمر! فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: ''قوما فاغسلا وجوهكما فلا أحسب عمر إلا داخلا''.


* بل إنه عليه الصلاة والسلام بيّن لأمته أن اللهو واللعب مع الزوجة مما يثاب عليه الرجل، بل لا يعد من اللهو أصلاً: ففي حديث عطاء بن أبي رباح قال: رأيت جابر بن عبد الله وجابر بن عمير الأنصاريين يرميان، فمل أحدهما فجلس، فقال الآخر ؟؟؟لت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل شيء ليس من ذكر الله فهو لغو ولهو، إلا أربعة خصال مشي بين الغرضين، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله، وتعليم السباحة).


* وكان يراعي فيهن حالهن والسن التي كان عليها بعضهن: فعن عائشة قالت: (كنت ألعب بالبنات، فربما دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وصواحباتي عندي، فإذا رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم فررن، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أنت، وكما أنتن).


* وكان إذا بدر منهن شيء يسوؤه لم يكن يقابله إلا بالحكمة واللطف: فعن أنس بن مالك قال: كانت صفية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر، وكان ذلك يومها، فأبطت في المسير، فاستقبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي تبكي، وتقول حملتني على بعير بطيء، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح بيديه عينيها ويسكتها، فأبت إلا بكاء، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركها، فقدمت فأتت عائشة فقالت: يومي هذا لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أنت أرضيتيه عني، فعمدت عائشة إلى خمارها وكانت صبغته بورس وزعفران فنضحته بشيء من ماء، ثم جاءت حتى قعدت عند رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم.



فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما لك؟, فقالت: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث فرضي عن صفية وانطلق إلى زينب فقال لها: إن صفية قد أعيا بها بعيرها فما عليك أن تعطيها بعيرك, قالت زينب أتعمد إلى بعيري فتعطيه اليهودية, فهاجرها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر، فلم يقرب بيتها، وعطلت زينب نفسها، وعطلت بيتها، وعمدت إلى السرير فأسندته إلى مؤخر البيت، وأيست أن يأتيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هي ذات يوم إذا بوجس رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل البيت فوضع السرير موضعه، فقالت زينب: يا رسول الله جاريتي فلانة قد طهرت من حيضتها اليوم هي لك، فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورضي عنها).




ولا يُولِج الكفّ لـيَعلَم البثّ



حدّثت الصّدّيقة بنت الصّدّيق رضي الله عنها أن إحدى عشرة امرأة جلسن فتعاهدن وتعاقدن أن لا يكتمن من أخبار أزواجهن شيئا ..

فقالت السادسة : زوجي إن أكل لفّ ، وإن شرب اشتفّ ، وإن اضطجع التفّ ، ولا يولج الكفّ ليعلم البث . والحديث بطوله رواه البخاري ومسلم ، وهو مشهور بحديث أم زرع .

والحديث مليء بالفوائد ، وقد ألفّ فيه بعض العلماء تأليفا خاصاً .



والذي يهمنا في هذا المقام هو حديث المرأة السادسة في ترتيب المتكلِّمات من تلك النسوة

قالت في معرض الذمّ لزوجها :



إن أكل لفّ

وإن شرب اشتفّ

وإن اضطجع التفّ

ولا يولج الكفّ

ليعلم البثّ



فهي تذمّـه بأنه إذا أكلّ الطعام لفّـه لفّـاً ، بحيث يأكل بِـنَـهم ، أو أنه لا يُبقي لها شيئا !

وهي تذمّـه بأنه إذا شرب اشتفّ فأصدر صوتا لشُربِه !

كما تذمّـه بأنه يلتف بملحفته إذا أوى إلى فراشه ، فكأنه لا يُعاشر أحداً ، ولا اعتبار لأحد عنده !



فهي إذاً .. تذمّـه في أكله وشُربِه ونومِه



كما تذمّـه بأنه لا يتفقّد أحوالها ، فالبثّ هو الشكوى أو هو شدّة الحزن .



تذمّـه بأنه لا يُراعي حال شكواها ومرضها فيسأل عنها ، أو يضع يده على مكان الألم تخفيفاً لمعاناتها ..

وهذا الجانب أو هذا الفعل تظهر فيه الناحية النفسية أكثر من الناحية الفعلية .



فربما كان تلمّس الرجل لحال أهله ، أو تلمّس الزوجة لحال زوجها ، مما يُشعر أحد الطرفين بأهميته ومكانته لدى الطرف الآخر !

ولربما لم يكن لذلك تقديم ولا تأخير في الظاهر !

فالذي يشكو من ألم في ظهره أو في رأسه لا يُخفف عنه مُجرّد وضع اليد على مكان الألم ليَعْلّم ما يبثّـه صاحبه من شكوى ، بقدر ما يُشعره ذلك بمكانته وقدرِه ..



وكم مِن لمسة حانية كانت أغلى من ألف كلمة ، وأكبر في الـنَّـفس من سائر الأدوية

فهي لمسة حنان وعطف وشفقة تؤذن بأن ما بالمريض من ألم وداء هو محلّ عناية الطرف الآخر



وقُل مثل ذلك في الطفل ..

فإنه عندما يمرض ينظر إلى الشفقة والعطف في عيون والديه

وربما أنّ واشتكى لينظر مكانته ، ويرقب منـزلته ، وليرى مدى الاهتمام به !



والأثر النفسي ، والناحية النفسية مُعتبرة في التعامل الأُسري ، سواء كان مع الزوجة أو مع الأولاد أو حتى مع الخدم .



ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم : إذا أتى أحدكم خادمه بطعامه فإن لم يجلسه معه فليناوله أكلة أو أكلتين أو لقمة أو لقمتين ، فإنه ولي حـرّه وعلاجه . رواه البخاري ومسلم .



قال أبو هريرة رضي الله عنه : ما عاب النبي صلى الله عليه وسلم طعاما قط ؛ إن اشتهاه أكله ، وإن كرهه تركه . رواه البخاري ومسلم .



وكل هذا من باب مراعاة النّفسيّات ..

فمن وَلي حرّ الطعام يُعطى منه ما يُشعره بالاعتراف بما قدّم

والزوجة إذا وَلِيَت الطّعام فلم يكن على ما يُرام يوما من الأيام فلا أقل من السّكوت

فـ نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا كره طعاماً تركه

والزوج العاقل الحصيف قادر على أن يوصل ما يُريد بتعبيرات وجهه



فقد وُصِف النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أشد حياء من العذراء في خدرها ، وبأنه إذا كرِه شيئا عُرِف في وجهه . رواه البخاري ومسلم .



ولا شك أن هذا الفعل له أثره في الـنّفس ، وإن لم يتكلّم صاحبه أو ينطق بما في نفسه .



بل انظر إلى مراعاة النبي صلى الله عليه وسلم للجانب النفسي ، وتودّدِه إلى حبيبته وأحب الناس إليه :

" عائشة "

فإنه عليه الصلاة والسلام كان يضع فمه على موضع فمِ عائشة رضي الله عنها في الطّعام والشَّراب .

ولا شك أن هذا الفعل له أثره النفسي في التعبير عن الحب والرضا .



تقول عائشة رضي الله عنها : كنت أشرب وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فِـيّ فيشرب ، وأتعرّق العَرْق وأنا حائض ثم أناوله النبي صلى الله عليه وسلم فيضع فاه على موضع فِـيّ . رواه مسلم .

والعَرْق : العظم عليه بقية لحم .



وأبعد من ذلك ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم عند خروجه من منـزله ، وكان خارجا للصلاة فقبّـل حِـبَّـه

" عائشة " ثم خرج .



تقول عائشة رضي الله عنها : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَـَّـل بعض نسائه ثم خرج إلى الصلاة ، ولم يتوضأ . قال عروة : قلت لها : من هي ألا أنت ؟! قال : فضحكت . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه .

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بحاجة إلى تلك القُبلة عند خروجه للصلاة ، ولكن تلك القُبلة لها أثرها البالغ في نفس زوجه .



وكلمة الشُّـكر وعبارة الثناء لها ألف أثر في نفس من يسمعها .



ورب كلمة فعلت في النفوس فِعل السّحر ، ولكنه السحر الحلال !



وابتسامة الرضا ترسم السعادة الزوجية ولا تُكلّف صاحبها شيئا !

بل هو مأجور على ابتسامته ، مع ما يجني من ثمارها العاجلة والآجلة !



قال جرير رضي الله عنه : ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ، ولا رآني إلا تبسّم في وجهي . رواه البخاري ومسلم .



وإن باستطاعة كلٍّ من الزوجين كَسْب قلب صاحبه بابتسامة تُشعر الطرف الآخر بالرضا عنه .



وليس بالضرورة أن تكون الحياة الزوجية مثالية خالية من المشكلات أو المنغِّصات ، وإنما العِبرة بالأعمّ الأغلب .



ولذا قال عليه الصلاة والسلام : لا يَـفْـرَك مؤمن مؤمنه إن كَرِه منها خلقا رضيَ منها آخر . رواه مسلم .

أي لا يُبغض المؤمن زوجته لأجل خُلُق قد يبدو منها ، فإن ظهر له من أخلاقها ما يذمّه ويمقته ، فلينظر في محاسنها .

وإن كرِه منها تقصيرها في جانب فلينظر إلى قيامها ووفائها بجوانب أخرى .

والمسلم مأمور بالعدل والإنصاف في كل شيء ، ومع كل أحد .



والزوجة مُطالبة بهذه النّظرة أيضا ، ولذا قال عليه الصلاة والسلام : إياكن وكفران المنعمين ، إياكن وكفران الـمُنْـعَمِين . قالت امرأة : يا رسول الله ، أعوذ بالله يا نبي الله من كفران نِعَم الله . قال : بلى ، إن إحداكن تطول أيْمتها ، ويطول تعنيسها ، ثم يُزوِّجها الله البعل ، ويُفيدها الولد ، وقرّة العين ، ثم تغضب الغضبة فتقسم بالله ما رأت منه ساعة خير قط ، فذلك من كفران نِعَم الله عز وجل ، وذلك من كفران المنعمين . رواه الإمام أحمد ، وأصله في الصحيحين .


هذه إشارة إلى الجانب النفسي في التعامل الأُسري ، وفي الحياة الزوجية خاصة .



الخطاب القرآني أصلح دليل للأسرة السعيدة





لماذا هذه الثنائية فى حياتنا الأسرية ، ولماذا يسود خطاب «أنا » و«هو» داخل الأسرة الواحدة التى ينبغى أن تقوم على قاعدة «نحن».

ومن المسئول عن هذه الازدواجية فى خطاب الأسرة ؟ وكيف نعيد العلاقة الزوجية إلى مسارها الطبيعى ومقصدها الشرعى ضمن خطاب متوازن للأسرة يتجاوز فكرة حقوق وواجبات كل طرف ليحل محلها التكامل والتسامح والتعاون على سلامة الأسرة وسعادتها .

تساؤلات تبحث عن إجابات لها فى هذا التحقيق.

ثنائية الخطاب
د. أحمد عبد الرحمن - أستاذ الأخلاق - يقول: حياتنا تدور فى فلك ثنائية الخطاب، فهناك خطاب إسلامى يستند على القيم الإسلامية فى تحديد علاقة الزوجين ببعضهما فى إطار القوامة.

وهناك خطاب علمانى يتسم بالتحيز ضد الأخلاق والضوابط الإسلامية التى وضعها الشارع لحياة الناس وسعادتهم، فهو خطاب يريد إخراج المرأة من بيتها لتخريب أسرتها تحت دعاوى تحرير المرأة، وهذه الدعاوى تتبناها المؤتمرات التى تنظمها الأمم المتحدة، كما تروج لها أجهزة الإعلام والدراما السينمائية التى تُجرِّم فى الغالب القيم الإسلامية.

وهذا يعنى أننا بحاجة إلى العودة إلى ربنا - بتحكيم القرآن والسنة وحسن فهم النصوص الخاصة بالقوامة، والتعدد وضوابط الطاعة، وحقوق وواجبات الزوج والزوجة، وإلى حرية الإعلام فى تبصير الجميع بهذه الأحكام؛ لأن الدعوة مؤممة، والداعية مغلول فى المسجد، فإذا كان جهل شبابنا بفقه العلاقات الزوجية وراء فشل كثير من الزيجات، فإن توفير المعلومات الصحيحة لهم حول هذا الموضوع ضمن ثقافة أسرية اجتماعية من منطلق إسلامى يتم إدراجها فى مقررات المرحلة الجامعية «الزواج - قيم الأسرة - اقتصاد الأسرة»، هو السبيل إلى حياة أسرية مستقرة وسعيدة.

أمية ثقافية
ويؤكد د. حمدى ياسين - أستاذ علم النفس الاجتماعى بكلية البنات جامعة عين شمس - أن مشكلة العلاقات الزوجية مبعثها الأمية الثقافية الزوجية لدى الطرفين، فكلاهما يسعى لمعرفة حقوقه فقط، ويطالب بها دون أن يبحث عن واجباته مما يؤدى إلى قصور الفهم وإساءة استخدام هذه الحقوق.

فلابد من تهيئة الأبناء للزواج بتقديم النماذج الصالحة للزوج والزوجة داخل الأسرة نفسها وقبل ذلك من خلال سيرة النبى (صلى الله عليه وسلم) وسير الصحابة والتابعين.

عقد دورات تدريبية لتعليم الزوجين مهارات التعامل مع الطرف الآخر.

وضع مقرر للتربية الأسرية منذ المرحلة الابتدائية متدرجة فى موضوعات حسب المرحلة العمرية.

توظيف الإعلام فى توضيح فقه العلاقات الزوجية والأسرية عمومًا.

تأسيس أقسام للرعاية الزوجية يكون من اختصاصاتها الكشف عن القواسم المشتركة بين المقبلين على الزواج، وإسداء النصائح الأمينة للزوجين.

وأقول للزوج:

- تذكر قبل أن تفتش عن نقص فى زوجتك أنك إنسان وبك أيضًا قصور.

- انظر إلى نصف الكوب الممتلئ فى علاقتك بزوجتك.

وللزوجة :

- تحلى بضبط النفس والصبر على طباع زوجك.

- ولا تختلفا أمام الأبناء وتعاونا على إسعادهم.

- واحرصا على كرم السلوك المتبادل بينكما، وليكن الإيثار والتسامح والبحث عن الواجبات قبل المطالبة بالحقوق شعاركما.

خطاب أعرج ناقص
لا أتصور حياة زوجية تقوم على عدم التوازن فى علاقة الزوجين، فهذا الاعتدال والتوازن هو السمة الغالبة للعلاقات الزوجية الطبيعية.

بهذه الكلمات يحدد د. عبد الصبور شاهين - الأستاذ بكلية دار العلوم جامعة القاهرة - طبيعة العلاقات الزوجية، كما أرادها الشارع الحكيم.

أما عدم التوازن فهو شذوذ فى تلك العلاقة التى ينبغى أن تجرى مجرى التكامل بين الزوجين، أما الخطاب الذى يتوجه بالحقوق لطرف على حساب الطرف الآخر فهو خطاب أعرج ناقص لا يصح أن يكون معيارًا للحكم على العلاقات الزوجية.

ويرى د. عبد العظيم المطعنى - الأستاذ بجامعة الأزهر - أن الخطاب القرآنى الذى يحدد حقوق وواجبات الزوجين فيه الكفاية لإرضاء كل منهما، والمهم هو إطلاع كل من الزوجين على هذه النصوص والاحتكام إليها. {ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف} فكل حق للزوج يقابله حق للزوجة، وكل واجب عليه يقابله واجب عليها، ويقع جزء كبير من تعديل ميزان الخطاب الزوجى على عاتق الزوجة، فإذا كانت الزوجة صالحة مثقفة واعية، فإنها ستعرف كيف تدير الحوار والخلاف مع زوجها، وتخرج من أي معركة معه برأى سديد دون أن تغضبه.

وكذلك فالخطاب القرآنى للرجل يطالبه بحسن معاشرة الزوجة {وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا}.

والرسول (صلى الله عليه وسلم) وهو على فراش الموت يقول: «أوصيكم بالنساء خيرًا»، ويحبب إلى الرجل تدليل زوجته وإطعامها مؤكدًا أن له به أجرًا.

خلل
وتعترض د. زينب الأشوح - أستاذة الاقتصاد الإسلامى بجامعة الأزهر - على فكرة الخطاب المتحيز، وتفسر تفسخ العلاقات الزوجية بوجود خلل فى فهم حقوق كل من الطرفين، فكل منهما يتخيل أنه صاحب كل الحقوق دون الواجبات، أما حقوق الطرف الآخر فهى منّة منه وفضل.

وتقرر أن الإسلام دين العدل، ومن حكمة الله تعالى أن خلق الذكر والأنثى مختلفين فى التكوين الفطرى ليتحقق التوازن فى الكون بأداء كل منهما لدوره فى عمارة الأرض بعد إمداده بمقومات أداء هذا الدور.

ولكن بعض الرجال قد يتعسف فى تفسير حقوقه على الزوجة ويفهم الحديث «لو كنت آمرًا أحدًا أن يسجد لغير الله لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها» على غير معناه، فكيف يجيز له الرسول (صلى الله عليه وسلم) التسلط على زوجته وهو نفسه الذى جعل له صدقة فى اللقمة يضعها فى امرأته والنطفة يضعها فى الحلال.

أين القدوة ؟
القدوة فى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الذى كان فى خدمة أهله «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلى»، فالمسألة لا علاقة لها بالدين، ولكن الرجل بطبعه قد يميل إلى العنف والتسلط على امرأته، وقد رأيت حالات لتسلط الرجل فى الغرب أيضًا، وللأسف فكثير من الناس - رجالاً ونساءً - يحملون الشرع عيوبهم، ويسيئون فهم وتطبيق الأحكام المتضمنة للحقوق والواجبات التى قررها الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alasaalah.ahlamontada.net
محمد
المشرف العام



عدد المساهمات : 1001
تاريخ التسجيل : 23/07/2009
الموقع : alasaalah.ahlamontada.net

سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء )) Empty
مُساهمةموضوع: رد: سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء ))   سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء )) Emptyالخميس سبتمبر 24, 2009 9:28 am

الجزء الثالث :



كيف تكون الرؤية



الناس في هذا الأمر طرفان ووسط:

الطرف الأول: طرف متشدد متعصب لا يرى أهمية الرؤية والنظر إلى المخطوبة، بل ويمنع رؤية الخاطب للمخطوبة إلا بعد الزفاف.

وإليكم هذه القصة العجيبة:

تزوج رجل بامرأة لم يرها، وبعد انتهاء حفلة الزواج ودخل عليها الغرفة ونظر إليها، ثَمَّ أصابَته غمة وكرب وذهول فخرج وأغلق الباب ... ثم طلقها ورجعت إلى بيت أهلها.

الطرف الثاني: متساهل ويترك الحبل على الغارب للخاطبين، فيراها الخاطب ويجلس معها بلا ضابط ويخرج معها دون مراعاة لحدود الله.

فكثير من المسلمين في مسألة النظر إلى المخطوبة بين طرفي نقيض، فبعضهم متشددون متعصبون عطلوا هذه السنة المجمع عليها، فيمنع الخاطبَ من رؤية المخطوبة وهذا مخالف للشرع.

وبعضهم يَرخون للخاطبين العنان ويدعوهما يخلوان ويتنزهان في الأماكن البعيدة الخالية وهذا حرام لا يجوز.

أما الوسط: فهو هدي الإسلام، وهدي رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.

وإذا سأل أخي وأختي الكريمة عن هدي رسولنا في موضوع رؤية الخاطب للمخطوبة؛ فإننا نجيب على هذا السؤال فيما يلي وهو لب موضوعنا في المقال.

التوافق النفسي بين الخطيبين

إن التوافق هو أساس في استمرار الحياة الزوجية وسبب في نجاح الزواج ودوام الألفة وتعتبر الرؤية هي المفتاح الأول لذلك التوافق، ولها الدور السحري الفعال في القناعة، ونحن مطالبون بالأخذ بالأسباب. والرؤية الشرعية للخاطب تساعد على نجاح الزواج وفيها أخذ بأسباب النجاح.

إنما شُرعت هذه الرؤية وهذا النظر ليجد كل من الرجل والمرأة ما في الآخر من ميزات وعيوب، وما يستطيع أن يتقبله كل منهما فِيمن سيكون شريكَه في الحياة حتى لا ينهدم البناء بعد الزواج، وتتشقق العلاقات وتتصدع الحياة الزوجية ويكون الانفصال بسلبياته النفسية والإجتماعية من نصيب الطرفين.

وحتى يحصل تمام التوافق النفسي والملائمة بين الرجل والمرأة بحيث يرضى كل منهما بالآخر ويتقبله شريكا له، أباحت الشريعة الإسلامية لكل منهما أن ينظر إلى الآخر قبل العقد، مع أن الأصل في نظر الرجل للمرأة الأجنبية محرم ولكن حتى يتحقق القصد من استمرار الحياة الزوجية واستقارارها خرج الحكم عن ذلك الأصل؛ لأن النظر للمخطوبة قبل الزواج أَدْعى لدوام المحبة والألفة.

ويجوز تكرار النظر إذا دعت الحاجة إلى ذلك حتى يتأكد كل منهما من موافقته ومن ارتياحه النفسي من ارتباطه بالشريك الآخر.

النظر إلى المخطوبة

ومما يرطب الحياة الزوجية ويجعلها محفوفة بالسعادة، محوطةً بالهناء، أن ينظر الرجل إلى المرأة قبل الخطبة، ليعرف جمالها الذي يدعوه إلى الإقدام على الاقتران بها، أو قبحها الذي يصرفه عنها إلى غيرها. واقتناع كلا الطرفين لا يتأتى إلا بعد رؤية كليهما للآخر والتعرف عليه.

والحازم لا يدخل مدخلا حتى يعرف خيرَه من شرِّه قبل الدخول فيه، قال الأعمش: كل تزويج يقع على غير نظر فآخره هم وغم.

وإليك أخي القارئ وأختي القارئة هَديَ الإسلام وهَديَ رسولنا صلى الله عليه وسلم، قال: (( إذا خطب أحدكم المرأة فإن استطاع أن ينظر منها إلى ما يدعوه إلى نكاحها فليفعل )) أخرجه أبو داود، قال جابر: ( فخطبت امرأة من بني سلمة، فكنت أختبئ لها حتى رأيت منها بعض ما دعاني إليها) رواه أبو داود.

2 ـ وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رجلا خطب امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أنظرت إليها؟ ))، قال: لا، قال: (( فاذهب فانظر إليها، فإن في أعين الأنصار شيئا )) رواه مسلم باب ندب النظر إلى وجه المرأة وكفيها لمن يريد تزوجها رقم
1424.

3 ـ وعن المغيرة بن شعبة أنه خطب امرأة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( أنظرت إليها؟ ))، قال: لا، قال: (( انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما ))، رواه النسائي وابن ماجة والترمذي.

ولنا مع الحديث السابق وقفة:

قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (( انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما )) إشارة إلى التوافق النفسي بين الطرفين، معنى يُؤدم بينكما: أن يتفقا وأن تتآلف قلوبهما، أي: أجد أن يدوم الوفاق بينكما.

وهذه الأحاديث تدل على استحباب النظر إلى المخطوبة، فالرسول أمر بالنظر إلى من يريد الرجلُ خطبتَها وعَلَّل ذلك بقوله: (( فإنه أحرى أن يؤدم بينكما )).

والمراد أن الرجل الذي يقدم على الزواج وقد رأى المخطوبة واستراحت نفسه إلى الإقدام على الزواج منها، حري بأن تدوم العشرة بينه وبينها.

وهذا أولى من أن يراها بعد أن يعقد عقده عليها فيُفاجأ بأنها غير مناسبة له فتجفوها نفسُه، أي لا يحدث بينهما توافق نفسي، فترك الخطبة ـ والحالة هذه ـ أهون عليه وعليها وعلى أهلهما من تطليقهما بعد زواجه منها.

وهنا نذكر أقوال العلماء التي تؤكد أهمية الرؤية والنظر للمخطوبة:

1 ـ قال ولي الله الدهلوي ـ رحمه الله ـ: ( والسبب في استحباب النظر إلى المخطوبة أن يكون الزوج على روية، وأن يكون أبعد من الندم الذي يلزمه إن اقتحم في النكاح ولم يوافقه فلم يُرِْده، وأسهل للتلاقي إن رد، وأن يكون تزوجُهما على شوق ونشاط إن وافقه، والرجل الحكيم لا يلج مولجا حتى يتبين خيرَه وشرَّه قبل ولوجه).

وعبارات أهل العلم الذين بينوا حكم الرؤية دائرة بين الإباحة والاستحباب:

2 ـ يقول النووي ـ رحمه الله ـ: ( وإذا رغب في نكاحها استُحب له أن ينظر إليها، لئلا يندم، وفي وجه لا يستحب هذا النظر بل هو مباح، والصحيح الأول للأحاديث) روضة الطالبين.

3 ـ قال المرداوي الحنبلي ـ رحمه الله ـ: (يجوز النظر إلى المخطوبة وهذا هو المذهب وقيل يستحب، وهذا هو الصواب) الإنصاف للمرداوي.

وإذا لم ينظر إليها فلا خلاف بين العلماء في صحة الزواج، فإن النظر مباح أو مسنون، ولم يقل أحد بوجوبه.

4 ـ قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله ـ: (لا شك أن عدم رؤية المرأة قبل النكاح قد يكون من أسباب الطلاق إذا وجدها خلاف ما وُصِفت له) فتاوى المرأة المسلمة.

أهمية الرؤية الشرعية

1 ـ أباح الإسلام للرجل أن ينظر إلى من يريد الزواجَ منها ليعرف ناحية الشكل والجمال فيها وهو مرغوب بالطبع لتتحقق العفة والتحصن والإعفاف.

2 ـ ليحدث التوافق النفسي والإنسجام بين الطرفين وتتآلف القلوب والوفاق.

3 ـ لو لم يكن له فائدة، لَمَا أجازه الإسلام ولما أَمر به الرسول، فهذه الرؤية عَلّق عليها الرسول صلى الله عليه وسلم ديمومة الحياة الهنية للزوجين.

4 ـ ليرى الرجل من المرأة ما يدعوه إلى نكاحها سواء علمت بذلك أو لم تعلم كما جاء في حديث جابر بن عبد الله، ولكن الأولى التنسيق مع وليها لعدم حدوث ما لا يحمد عقباه.

الرؤية الشرعية

الرؤية المشروعة هي المُقيدة بالضوابط الشرعية، وقد اشترط أهل العلم في ذلك أن يكون الرجل مسلما راغبا في النكاح فعلا، موثوقا به، ثقةً أمينا صالحا جادا صادقَا عازما على الزواج، وموثوقا به حتى لا يُفشي سرا أو يَعيبها عند عدم رغبته فيها، وأن لا يكون فيه ما يمنع من الموافقة عليه.

متى ينظر إليها؟

يرى الإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ أن تكون رؤية المخطوبة قبل خطبتها، فإن رأى فيهما ما يدعوه إلى نكاحها خطبها، وإلا أعرض عنها من غير إيذاءها وهذا عين الصواب وهو الأقرب إلى الخُلق الكريم.

المواضع التي ينظر إليها

ذهب الجمهور من العلماء إلى أن الرجل ينظر إلى الوجه والكفين لا غير، لأنه يستدل بالنظر إلى الوجه على الجمال أو الدمامة، وإلى الكفين على خصوبة البدن أو عدمها، وقال دواد: (ينظر إلى جميع البدن)، وقال الأوزاعي: (ينظر إلى مواضع اللحم)، والأحاديث لم تعين مواضع النظر بل أطلقت لينظر إلى ما يحصل له المقصود بالنظر إليه.

وإذا نظر إليها ولم تعجبه، فليسكت ولا يقل شيئا، حتى لا تتأذى بما يذكر عنها ولعل الذي لا يعجبه منها قد يعجب غيره.

نظر المرأة إلى الرجل

وليس هذا الحكم مقصورا على الرجل، بل هو ثابت للمرأة أيضا، فلها أن تنظر إلى خاطبها، فتنظرَ إلى وجهه وهيئته، فإنه يعجبها منه مثل ما يعجبه منها، قال عمر: (لا تزوجوا بناتكم من الرجل الدميم، فإنه يعجبهن منهم ما يعجبهم منهن)، ويقول تعالى: (( ولهن مثل الذي عليهن )).

والمصلحة المرادة من النظر وهي دوام الألفة تتحقق بنظر المرأة كما تتحقق بنظر الرجل



ماذا بعد الخطبة ؟



وسط بين طرفي نقيض:

الطرف الأول: من المسلمين من يتشدد في مسألة الخطبة يعطلون سنةً مجمعٌ عليها فيمنعون الخاطب من رؤية المخطوبة إلا عند الزفاف، وهذا فيه مخالفة للشرع.

الطرف الثاني: من المسلمين من يتركون الحبل على الغارب، ويتركون الخاطب يجلس مع مخطوبته ويخلو بها، ويخرج بها في الأماكن العامة والمتنزهات حتى يتعرف كل طرف على الآخر ويتم التفاهم بينهما قبل الزواج، وهذا فيه مخالفة للشرع.

أما الوسط: فهو الشرع؛ وتتجلى فيه عظمة الإسلام حيث اتخذ موقفًا حكيمًا وسطًا يحقق الخير للطرفين دون أن يلحق ضررًا أو أذى بأي منهما؛ فقد أباح الشرع أن يرى كل منهما الآخر وفق ضوابط تصون سمعة الفتاة ومكانتها وتسمح للخاطب أن يقدم على الزواج وهو على بينة من أمره.

وهو بذلك يكون وسطًا بين طرفي نقيض، فلا تتعطل السنة ولا تُتَعدى إلى ما حرم الله تعالى.

أخي القارئ، أختي القارئة:

يسأل سائل وماذا بعد الخطبة؟

إذا تمت الرؤية الشرعية وحدث التوافق النفسي والارتياح بين الطرفين وصلوا صلاة الاستخارة، واطمأن كل طرف إلى الآخر بعد السؤال والبحث والاتفاق على الإجراءات اللازمة لإتمام مشروع الزواج، فإنه بعد ذلك تتم الخطبة بحفلة يجتمع فيها أهل الشاب وأهل الفتاة.

والخطبة هي أولى خطوات الزواج، وهي ليست إلا وعدًا بالزواج؛ فإذا تمت الخطبة فليس للخاطب شيء حتى يتم العقد فهو كالأجنبي عن المرأة تمامًا، لا يرى منها شيئًا، ولا يجالسها إلا في وجود محرم للفتاة، ولا يخرج معها ولا يخلو بها.

يقول الأستاذ حسين محمد يوسف في كتاب "اختيار الزوجين في الإسلام":

(إن قبول الخطبة لا معنى له أكثر من أنه اتفاق أو مواعدة بين الطرفين على إتمام عقد الزواج، متى توفرت أسبابه وتيسرت ظروفه، وتحققت شروطه، والمفروض شرعًا أن الاتفاق ملزم للطرفين وأن المواعدة واجبةُ الوفاء، بل إنها بالنسبة لأهل التقوى كل شيء.

ولا يقلل من قيمتها افتقادها للشكل القانوني، ولكن الاحتياط في هذا الزمان أوجب وألزم، فقد تغيرت المقاييس، وتبدلت العادات والتقاليد، واختلط الحق بالباطل، والحابل بالنابل، وترتب على ذلك الكثير من الفتن والمآسي، وأصبح من الضروري لمن يحرص على سلامة دينه وعرضه، أن يتقي الشبهات وأن يأخذ بالعزائم).

ومن ثم فإن قبولَ الخطبة، أو إعلانَها والاحتفال بها، لا يجب أن يغير من وضع الخطيبين شيئًا، ولا يصح أن يُستَحل به ما حرمه الله، أو أن يُحرَّم به ما أحل الله، ولا يَترتب عليه للرجل أيُّ حُرمة أو سلطان، ولا تستحق به المرأة أيَّ نفقة أو إلزامٍ، لأنه ما زال بالنسبة لها أجنبيٌّ عنها وما زالت بالنسبة له أجنبيةً عنه، قد يستجد في الأمور ما يؤدي إلى فسخ الخطبة دون أن يُعتبر مخالفة قانونية أو يُترتب عليه أيةُ حقوق شرعية.

إن المرأة المسلمة يحبها الإسلام أن تكون في مأمن على دينها وشرفها وعرضها, وبعيدة عن مواضع الشبهات، ولْتعلم أن تماديها في العلاقة مع خطيبها يقلل من مكانتها عنده، ويجعله يستهين بها، ذلك إلى جانب ما هو ممكنٌ الوقوعُ فيه من المصائب التي نعايشها ونسمع عنها.

من هذه النماذج المرفوضة في الشرع والعرف: فتاة تمادت في العلاقة مع خطيبها حتى وقع بها ثم تركها بعد ذلك، ولم يكمل الزواج.

وهناك آثار اجتماعية ونفسية تلحق بالفتاة بعد مثل هذه المواقف; ومن هذه الآثار:

1- يترك الخاطب الفتاة بسمعة سيئة لها ولأهلها تلُوكُها الألسن.

2- ربما لا يتقدم أحد لخطبتها بسبب خلوتها مع غير محارمها، مما يترك أسوأ الأثر في حياتها ومسيرة مستقبلها.

3- تعاني الفتاة شعورًا حادًا بالذنب لما اقترفته من إثم، وخاصة إن لم يَفِ الشاب بوعده بالزواج.

4- قد تصاب الفتاة بالانهيار النفسي أو تعيش حالة اكتئاب، وقد تحاول الانتحار لما اقترفته في حق نفسها وحق أهلها، وفي هذا مخالفة للشرع وبعدًا عن طريق الله لأن المعصية تجلب معصية وهذا من شؤم المعاصي على العبد، فتخرج من مأزق إلى آخر ومن حفرة إلى أخرى، إلا أن ترجع إلى الطريق الصحيح.

خطر التهاون في الخلوة بالمخطوبة

جاء في كتاب فقه السنة للسيد سابق: (درج كثير من الناس على التهاون في هذا الشأن؛ فأباح لابنته أو قريبته أن تخالط خطيبها وتخلو معه دون رقابة، وتذهب معه حيث يريد من غير إشراف، وقد نتج عن ذلك أن تعرضت المرأة لضياع شرفها، وفساد عفافها، وإهدار كرامتها، ولا يتم الزواج، فتكون قد أضافت إلى ذلك فوات الزواج منها).

وعلى النقيض من ذلك، طائفة جامدة لا تسمح للخاطب أن يرى بناتها عند الخطبة وتأبى إلا أن يرضى بها، ويعقد عليها دون أن يراها أو تراه إلا ليلة الزفاف، وقد تكون رؤية مفاجئة لهما غير متوقعة فيحدث ما لم يكن مقدرًا من الشقاق والفراق.

وبعض الناس يكتفي بعرض الصورة الشمسية، وهي في الواقع لا تدل على شيء يمكن أن يُطمئِن ولا تُصَور الحقيقةَ تصويرًا دقيقًا.

وخير الأمور هو جاء به الإسلام، فإن فيه الرعاية لحق كِلا الزوجين في رؤية كل منهما الآخر، مع تجنب الخلوة حمايةً للشرف وصيانة للعرض.

الشرع يقرر

جاء في كتاب فقه السنة لسيد سابق:

(يحرم الخلوة بالمخطوبة؛ لأنها محرمة على الخاطب، حتى يعقد عليها، ولم يَرِد الشرع بغير النظر، فبقيت على التحريم، ولأنه لا يُؤمَن مع الخلوة موافقةُ ما نهى الله عنه، فإذا وُجد مَحْرم جازت الخلوة لامتناع وقوع المعصية مع حضوره).

ومن الأحاديث التي حرمت الخلوة بين الخاطب والمخطوبة ما يلي:

1- عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها؛ فإن ثالثهما الشيطان ))([1]).

2- عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان ))([2]).

3- وقال صلى الله عليه وسلم: (( لا يدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو اثنان ))([3]).

4- روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (( لا يخلون رجل بامرأة ولا تسافرن امرأة إلا ومعها محرم ))، فقال رجل: يا رسول الله اكتتبت في غزوة كذا وكذا وخرجت امرأتي حاجّة، قال: (( اذهب فاحجج مع امرأتك ))([4]).

5- وهل هناك أطهر من قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع ذلك يقول صلى الله عليه وسلم: (( إني لا أصافح النساء ))([5]).

وقال صلى الله عليه وسلم: (( لأن يطعن في رأس أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ))([6]).

وقال صاحب المغني: (لا يجوز للخاطب الخلوة بالمخطوبة؛ لأنها محرمة، ولأنه لا يؤمن من الخلوة مواقعة المحظور).

والسؤال الآن: كيف تسير العلاقة بين الخاطب والمخطوبة بعد الخطبة؟

1- تصحيح المفاهيم وفق تصورات حددها الشرع، وقد وقف الشرع موقفًا وسطًا بين طرفي نقيض؛ حيث أباح أن يرى كل منهما الآخر ويجلس معه ويتحدث معه مع وجود مَحْرم للفتاة، وِفق ضوابط تصون السمعة والمكانة وتسمح للخاطب أن يتقدم وهو على بينة من أمره.

وحرم الخلوة بين الخطيبين وهو بذلك يكون وسطًا بين طرفي نقيض، فلا تتعطل السنة ولا تُتعدى إلى ما حرم الله تعالى.

2- الخطبة مقدمة من مقدمات الزواج، وما هي إلا مجرد وعد بالزواج، والخاطب والمخطوبة كلاهما أجنبي عن الآخر ما دام لم يتم عقد الزواج، ففي هذه الحالة فإن الحديث معهما يكون منضبطًا بالضوابط الشرعية.

3- وضع ضوابط من قبل الأهل، وهنا يبرز الدور الهام للأهل أو الوالدين لمراقبة الأبناء وخاصة الفتيات، فيتم تحديد الوقت والمكان بحضور محرم للفتاة إذا أراد الخاطب أن يزور بيت المخطوبة بما يتفق مع ضوابط وتعاليم الإسلام.

4- تلتزم الفتاة بالزي والحجاب الشرعي الذي تخرج به خارج البيت عند زيارة الخاطب لهم.

5- اعلم أخي الشاب وأختي الفتاة أن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته، كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( فإن جبريل ألقى في روعي: أن أحدًا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه، فاتقوا الله أيها الناس، وأجملوا في الطلب، فإن استبطأ أحد منكم رزقه فلا يطلبه بمعصية الله؛ فإن الله لا ينال فضله بمعصيته ))([7]).

وهذه حقيقة نؤكد عليها أن ما عند الله يطلب بطاعته تعالى لا بمعصيته.

6- الغيرة على محارم الله وعلى الفتيات من قبل الوالدين والأهل، فلا نتساهل مع الأبناء وخاصة الفتيات، ووضع ضوابط وحدود إلى أن يتم العقد، فعن ابن عمر مرفوعًا: (( ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر والعاق والديوث الذي يقر في أهله الخبث ))([8]).



----------------------

[1] صححه الألباني، غاية المرام، (180).

[2] صححه الألباني، صحيح وضعيف الجامع الصغير، (2546).

[3] رواه مسلم، كتاب السلام، باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها، (5806).

[4] رواه البخاري، كتاب الجهاد، باب من اكتتب في جيش فخرجت امرأته حاجة وكان له عذر هل، (3006).

[5] صححه الألباني، صحيح وضعيف الجامع الصغير، (2513).

[6] قال الألباني: حسن صحيح، صحيح الترغيب والترهيب، (1910).

[7] صححه الألباني، صحيح الترغيب والترهيب، (1700).

[8] صححه الألباني، صحيح وضعيف الجامع الصغير، (3052
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://alasaalah.ahlamontada.net
 
سلسلة البيت المسلم (( ثلاث اجزاء ))
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» أثمن ثلاث ساعات في رمضان
» قصه ذات عبره حدثت فى برنامج البيت بيتك على التلفزيون المصري
» 41 قتيلا ونحو 150 جريحا في ثلاث اعتداءات بالعراق
» البيت الأبيض رفض طلبات بريطانية متكررة لعقد لقاء رسمي بين براون وأوباما
» مدمرة كورية جنوبية تنقذ ثلاث سفن من القراصنة قبالة السواحل اليمنية

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الاصالة :: القسم الاسلامي :: المواضيع الدينيه الاسلاميه-
انتقل الى: