فتحاوي
عريف
عدد المساهمات : 186
تاريخ التسجيل : 10/08/2009
 | موضوع: قرار تاجيل تقرير غولدستون صفعة لمكلومي الحرب وتعميقا لجراحهم  الأحد أكتوبر 04, 2009 2:51 am | |
| الكاتب ماجده البلبيسي
بالأمس القريب أثلجت الصدور بالإفراج عن20أسيرة فلسطينية من داخل غياهب السجون الإسرائيلية مقابل رؤية الجندي جعاد شالبط للحظات معدودة ، ورغم أن هذه الخطوة هى استحقاق وطني وإنساني إلا أنها قوبلت بشغف كبير وترحيب أكبر من قبل الحركة الأسيرة وجماهير شعبنا الفلسطيني وعلى رأسه قيادته في كل من الضفة وغزة عازمين على بذل كل الجهد من أجل تحرير جميع أسرانا من داخل السجون الإسرائيلي كمطلب وطني لا يختلف عليه أحد ، سيما وأن قضية الأسرى ما زالت تقف على سلم أولويات أجندة العمل الرسمي والشعبي .
ولكن هذه الفرحة التي غمرت قلوب الملايين من الشعب الفلسطيني في الوطن والمنافي لم تكتمل إلا بإفراغ جميع المعتقلات الإسرائيلية من المعتقلين الفلسطينيين والعرب أبضا .
وقعت الصدمة والطامة الكبرى بعد وقت قصير من عملية الإفراج على قلوب المحتفلين والفرحين بهذه الصفقة التي جاءت على عجالة ، بقرار القيادة الرسمية في رام الله بتأجيل البث في تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصى الحقائق حول الحرب على قطاع غزة التي وقعت في كانون أول من العام الجاري .
جاءت عملية الإرجاء هذه بمثابة النكء على الجراح وتناسي آلام آلاف من ذاقوا ويلات الحرب والشتات والهجرة ، وفقدهم فلذات أكبادهم أمام ناظريهم ، حيث تداعت فور سماع هذا الخبر العديد من المنظمات الحقوقية وسجلت استنكارها وإدانتها الشديدة لهذا القرار والذي اعتبرته أقل ما يمكن وصفه بأنه إنكارا لحقوق الشعب الفلسطيني ومتاجرة بمعاناته التي ما زالت مستمرة ويدفع ثمنها من اكتوى بنيران قوات الاحتلال الإسرائيلي الذي لم يفرق في حربه بين شاب وشيخ وأمراه وطفل ولم يسلم حجر ولا شجر ولا حيوان من هذه الحرب التي استخدمت فيها لأول مرة أسلحة لم تستخدم في حروب سابقة شهد العالم بذلك .
جاء القرار بمثابة صفعة للشرعية وحقوق شعبنا والقضاء ولكن هذه المرة للأسف الشديد بصنع داخلي وليس خارجي من الدول المعارضة والمعادية التي كان لها حق الفيتو وكانت دوما ترفع يدها ضد أي قرار يصب في صالح القضية الفلسطينية العادلة وحقوق شعبنا الذي عاني على مدار ستة عقود ونيف وما زال يعاني من سلب حقوقه وطمس هويته ومقدساته والمساومة على بقائه .
لا يمكن بأي حال من الأحوال ومهما بلغت حجم الضغوطات التي تعرضت لها القيادة الفلسطينية أن تقدم على هذه الخطوة التي أجمع على رفضها وإدانتها ليست المنظمات الحقوقية فحسب أو الفصائل الوطنية ولكن الشارع الغزي رفض أن يتاجر بمعاناته وأن يتم تأجيل البث فيها ، إن من شأن ذلك أن يكرس الفجوة ما بين المواطن والقيادة ويزيد من حجم الأحقاد داخله خاصة وأن الحرب على غزة وتأثيراتها ما زالت ماثلة حتى اللحظة لم تشف الجراح ولم ترمم البيوت وما زال هناك أناس في خيام اللجوء يعانون الأمرين وها هم اقتربت معاناتهم من العام ولم يحرك العالم الحر ساكنا ولم يسارع أحدا لأخذ حقهم وتعويضهم عما لحق بهم من معاناة ليست من السهل هذه المرة مداواتها وعلاجها .
أتساءل ماذا لو كانت القيادة في قطاع غزة هل كان بإمكانها أن تقدم على هذه الخطوة غير المنطقية وأن تواجه الآلاف ممن ذاقوا ويلات الحرب ومئات من الشباب الذين بترت أقدامهم وانضموا لقافلة المعاقين أو أمام النساء الثكلى اللواتي حصدت الحرب فلذات أكبادهم أمام ناظريهم أم أمام المئات ممن هدمت بيوتهم عن بكرة أبيها وأصبحت بين ليلة وضحاها أثر بعد عين ، كيف يمكن للقيادة أن تقابل من نجا من عائلة السموني وهو شخص واحد توجه بمفرده لمحكمة العدل الدولية كي ترجع له الحق ، وغيرها من العائلات التي ارتكبت بحقها جرائم جماعية ، أسئلة وتساؤلات كثيرة أعتقد أنه من المستحيل الرد عنها بهذا القرار الجائر الذي جاء ليعمق من المعاناة ويزيد من جراح المكلومين .
كان من الحري بالقيادة أن تسارع وتصادق على هذا القرار حتى لا تكون مشاركة في جريمة أخرى ضد أبناء شعبها وعليها أن تعيد النظر بعد هذا الإجماع المنقطع النظير على رفض وإدانة هذا القرار حتى لا تزيد الأمور تعقيدا وعليها أن تعزز من حقوق شعبنا الغزي لدى الأمم المتحدة التي أنشئت لتمثل إرادة شعوب العالم أجمع
| |
|
