محمد المشرف العام
عدد المساهمات : 1001 تاريخ التسجيل : 23/07/2009 الموقع : alasaalah.ahlamontada.net
| موضوع: نتانياهو يخادع العالم الإثنين سبتمبر 28, 2009 11:48 am | |
| الكاتب رشيد شاهين
منذ أن تشكلت حكومة بنيامين نتانياهو اليمينية، وضمت كل هذه المجموعة من الأحزاب الأكثر سوءا وتطرفا والشخصيات البغيضة الفاشية في دولة الاحتلال، وهي- الحكومة- لم تتوقف عن ممارسة سياسة الخداع والمماطلة والتسويف ليس تجاه الفلسطينيين وحسب لا بل والعالم اجمع بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتبر الحليف والسند الأقوى للكيان العنصري وفي المقدمة سيد البيت الأبيض – الجديد- باراك اوباما.
عندما نتحدث عن سياسة الخداع والمراوغة التي تمارسها هذه الحكومة، فهذا لا يعني بحال من الأحوال اننا نحاول القول بان سياسة حكومات الكيان السابقة كانت سياسات مختلفة أو نظيفة وتتسم بالمصداقية، حيث نعلم علم اليقين أن هذا الكيان الغاصب للحق الفلسطيني ومنذ اللحظة الأولى التي تأسس بها قام على ذات السياسة من الخداع والمماطلة والمراوغة واغتصاب الحقوق الفلسطينية وتزوير حقائق التاريخ.
لقد تجلت سياسة الخداع الإسرائيلية هذه في موضوع الاستيطان بشكل صارخ، حيث حاولت أن تروج للعالم ان موضوع الاستيطان ليس هو المشكلة أو انها مشكلة جانبية وفرعية يمكن التعامل معها أو حلها بطرق دبلوماسية ومن خلال مفاوضات تجري بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي، والتفاوض بالمفهوم الإسرائيلي يعني ان هنالك حق للإسرائيلي بالاستيطان، وانه يمكن ان يقدم بعض التنازلات في هذا المجال، لان التفاوض يعني ببساطة ان هنالك أمرا مختلفا عليه ويمكن من خلال المفاوضات الوصول إلى حل وسط.
إسرائيل حاولت أيضا ان تسوق للعالم بان ما تقوم به في موضوع الاستيطان يأتي في سياقه الطبيعي من حيث حق المستوطنين في " النمو الطبيعي". هذا الحق بحسب ما يفهمه الإنسان الغربي يجب ان يكون مكفولا ولا يجوز المساس به، حيث لا يمكن ولا يجب ان تتوقف الحياة بل يجب ان تستمر، وهذا الاستمرار يعني حق السكن والتعليم والصحة، وبالتالي حق بناء بيوت ووحدات سكنية جديدة ومراكز صحية وترفيهية ومدارس وروضات للأطفال الخ.
الموضوع الآخر والأكثر أهمية هو الادعاء الإسرائيلي فيما يتعلق بموضوع الاستيطان في القدس، حيث تعتبر ان هذا الموضوع غير قابل للنقاش أو التفاوض، وهي سوف تستمر بالعمل والاستيطان بنفس الوتيرة في القدس، بغض النظر عن أية مواقف فلسطينية او عربية او دولية، وهي بذلك تكشف عن أنيابها وتدير الظهر للعالم بشكل فج غير مسبوق في العلاقات الدولية، معتبرة نفسها فوق كل الأعراف والقوانين الدولية وشرعة الأمم المتحدة.
تعامل إسرائيل في قضية الاستيطان فيه أيضا الكثير من الخداع من خلال القول بأنها سوف تقوم بتجميده لمدة محدودة – تسعة اشهر-، علما بأنها ستستمر في البناء بحوالي 2500 وحدة استيطانية سكنية، وهذا بحد ذاته فيه الكثير من التزوير والكذب والمخادعة، حيث ان بناء هذا العدد من الوحدات فقط يلزمه من الوقت فترة زمنية لا تقل عن سنتين او ثلاثة وربما أكثر او اقل، أي ان كل ما يقال عن التجميد ليس سوى وهم يتم تسويقه للعالم، وهي في مقابل ما قالت انه تجميد لاستيطان، تطالب امة العربان بخطوات تطبيع مختلفة، تبدأ بفتح الأجواء ولا تنتهي عند درجة معينة، وقد تصل هذه المطالب إلى إقامة علاقات دبلوماسية كاملة، وهذا ما تورطت به معها إدارة سيد البيت الأبيض الجديد، الذي أنساق وراء المطالبات الإسرائيلية بوجوب اتخاذ العربان خطوات تشجيعية لدولة الاحتلال، وسعى اوباما معها بكل ما يملك من قوة في هذا الإطار، وأرسل موفديه لأكثر من عاصمة عربية للعمل في هذا الاتجاه، ومارس ضغوطا على العديد من الدول العربية، وقد أفلحت الضغوط -بحسب التقارير- وهذا بتقديرنا ليس سوى أول الغيث في مسلسل التنازلات العربية للجانب الإسرائيلي، وهو بمفهوم آخر نوع من الضغط المبطن وغير الظاهر على الجانب الفلسطيني الذي ينظر إليه العربان على انه يقيم علاقات كاملة مع الجانب الفلسطيني بما في ذلك التنسيق الأمني الكامل، وهم- العربان- يقومون بذلك تحت ذريعة يتم ترديدها باستمرار، "لن نكون ملكيين أكثر من الملك".
موضوع الاستيطان يجب النظر إليه والتعامل معه على أساس انه قضية مرفوضة "من أصلها"، وقضية غير شرعية، ومخالفة لكل القوانين والشرائع الدولية، قضية لا يجب الاستخفاف بها أو التعامل معها او قبولها، حيث لا يجوز لدولة الاحتلال ان تقوم بأي تغييرات في الأراضي الواقعة تحت الاحتلال، وأي نقاش يخرج عن هذا الإطار لا يمكن ان يكون الغرض منه سوى إعطاء شرعية لممارسة غير شرعية.
لم يتوقف الخداع الإسرائيلي عند هذه المسالة، فمن استمع إلى كلمة رئيس وزراء حكومة الاحتلال أمام اجتماع الجمعية العمومية، في نيويورك خلال الأسبوع الماضي، لا بد انه أدرك الكم من المخادعة الذي ورد في تلك الكلمة، عندما صور للعالم بان المشكلة هي في ان تكون الدولة الفلسطينية مسلحة او منزوعة السلاح، وفي هذا محاولة خبيثة للقول او الإيحاء لمن لا يفهم طبيعة الصراع بكل تفاصيله، ان هناك دولة فلسطينية قائمة وان مشكلة إسرائيل هي في الخوف او الرعب من هذا الدولة من ان تقوم بإزالة إسرائيل عن الخارطة في حالة تم تسليحها علما بان دولة الكيان هي من أقوى الدول في العالم. عدا عن عدم تطرقه إلى ماهية هذا الدولة الفلسطينية او حدودها ومساحتها وكيف ستكون الخ.
نتانياهو كباقي قادة دولة الكيان ينادي أيضا بيهودية الدولة، هذا النداء الكريه، والمقصود منه بشكل لا يقبل الشك هو عرب فلسطين 1948 الذين يشكلون خمس دولة الكيان، وهو نداء يعني فيما يعني ترحيل هؤلاء، بالإضافة إلى كل من هو غير يهودي استنادا إلى هذا الفهم، وهو نداء عنصري بكل المقاييس، حيث ان هذا يعني أيضا ان الدول الدينية سوف تبدأ بالبزوغ في أكثر من مكان في هذا العالم، وسوف يكون قيام دولة يهودية خالصة مقدمة لدعوات عنصرية من مجموعات متطرفة ومتعصبة في دول أخرى للمناداة بقيام دولة مسيحية خالصة هنا ودولة إسلامية خالصة هناك، وهكذا بحيث يصبح ترحيل او طرد أي مكون ديني آخر غير المكون الأساسي للدولة المقصودة أمرا طبيعيا وغير مستغرب، لا بل يصبح هو القاعدة وليس الاستثناء.
نداء قادة الدولة الصهيونية بيهودية الدولة مؤشر على العقلية العنصرية اليهودية الصهيونية، وعلى عقلية ترغب في العيش في الجيتو التي تميز اليهود ورغبته في الانعزال والنظر إلى الآخر – أي آخر- على انه اقل مكانة من العنصر اليهودي، وهم عندما يتهمون "الناس" بمعاداة السامية والعنصرية، إنما يحاولون نفي التهمة عن أنفسهم، لان جميع الممارسات التي تمارسها دولة الكيان هي ممارسات عنصرية متطرفة، تنم عن عقلية بغيضة لا تقبل الآخر ولا بأي شكل من الإشكال.
يهودية الدولة نداء يجب ان يقابله ليس فقط أبناء وقادة الشعب الفلسطيني او الأمة العربية، لا بل جميع الأحرار والشرفاء في العالم بالرفض وعدم القبول، ومقاومته بكل شراسة وقوة، لأنه يعني عودة العالم إلى موضوعة الدول الدينية كما تمت الإشارة، وفي هذا دعوة صريحة لإقصاء الآخر بدون تردد. كذلك فان المطلوب من العالم بشكل عام وضع حد لممارسات دولة الاحتلال، بحيث يتم التعامل معها على انها ليست فوق القانون، وان عليها ما على الآخرين، وان عدم التزامها بالقوانين والأعراف الدولية لا بد من ان يجعلها عرضة للمساءلة وفرض العقوبات والحصار كما يحدث مع الدول الأخرى- العراق، إيران، ليبيا، جنوب إفريقيا قبل انتهاء النظام العنصري الخ- خاصة وان سياسة المحاباة التي اتبعها العالم مع دولة الاغتصاب، أدت إلى كوارث بدون توقف ضد أبناء الشعب الفلسطيني والدول العربية المجاورة كما في المنطقة، وقد يؤدي استمرار مثل هذه السياسة إلى ما هو أسوأ من ذلك ولو بعد حين.
| |
|