محمد المشرف العام
عدد المساهمات : 1001 تاريخ التسجيل : 23/07/2009 الموقع : alasaalah.ahlamontada.net
| موضوع: تمخض الجبل الأميركي فولد مصافحة ..وماذا بعد؟ الإثنين سبتمبر 28, 2009 11:21 am | |
| الكاتب اكرم عطا الله كيف يمكن أن تصنف مصافحة الأسبوع الماضي غير التاريخية على الإطلاق سوى باعتبارها واحدة من مئات المشاهد التي تكررت بمصافحات مل الشهود من متابعتها بين والفلسطينيين والإسرائيليين وكم من الدماء سالت من خلف أصابع المتصافحين كل مرة لدرجة أصبح ذلك المشهد المكرور هزليا بقدر انفصاله عن واقع لم يتقدم خطوة واحدة منذ أكثر من عقد ونصف.
تسعة أشهر مرت على استلام الرئيس الأميركي باراك أوباما مقاليد الحكم في الولايات المتحدة وستة أشهر مرت على ترؤس نتنياهو لحكومته في إسرائيل صاحبها ضغطا أميركيا اعتبر حسب وصف المحللين الأقوى وغير المسبوق في العلاقات الأميركية الإسرائيلية لدرجة استوقفت كثير من كتاب الصحافة في إسرائيل الذين تناولوا سلوك رئيس وزرائها بالسخرية أثناء محاولته عدم الاستجابة للمطالب الأميركية خشية أن تتدهور تلك العلاقة.
صاحب الأشهر الماضية أجواء حماسية اعتقدت المنطقة أن التدخل الأميركي هذه المرة سيذهب باتجاه أبعد مما ذهبت إليه أية إدارة سابقة في عملية التسوية وخاصة بتعيين جورج ميتشل مساعدا لوزيرة الخارجية الأميركية لملف التسوية في الشرق الأوسط الذي قال منذ استلامه منصبه أن الإسرائيليين كذبوا علينا طويلا ما اعتبر وجهة جديدة في التفهم الأميركي للطرف الأخر" الفلسطيني" بعد أن تعامت كل الإدارات الأميركية السابقة طويلا .
تعززت الاندفاعة قبل حوالي أربعة أشهر حين التقى الرئيس الأميركي الأطراف نهاية مايو الماضي تمهيدا لزيارته إلى القاهرة لإلقاء خطابه في جامعة القاهرة كان قد روج قبلها أن الرئيس لديه خطة للتسوية سيعلنها في الرابع من حزيران ولكنه لم يفعل .
ثم زيارات ميتشل وما كان يشاع حول صلابة الموقف الأميركي الذي يحمله عزز الانطباع بقدرة هذه الإدارة وجرأتها في مواجهة إسرائيل ولكن الأسبوع الماضي كشف عجز هذه الإدارة والعجز العربي في مواجهتها والضغط عليها وإلزامها بكبح الجموح الإسرائيلي الذي يشبه فيل يدخل دكان خزف ولم يتوقف عن تكسيره تحويله إلى كومة من الأزمات المتلاحقة ليس إلا للمحافظة على استقرار حكومته في دولة تعاني من أزمة هويات لم تندمج بعد ليصبح المحافظة على حلة اندماج شكلية في حكومة واحدة أهم انجازاتها.
قيل أن الأمر سيحسم أواخر سبتمبر في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة وسيعلن الرئيس الأميركي عن خطته بالتسوية ولم يفعل أيضا ولم يمثل الأسبوع الأخير من سبتمبر سوى محطة عابرة من محطات العلاقات العامة الأميركية التي اعتادت عليها منذ أكثر من عقد ونصف حين بدأت المفاوضات بين والفلسطينيين والإسرائيليين ولم يكن الطرف الأميركي في أحسن حالاته سوى ساعي بريد المواقف الإسرائيلية وبدأ ذلك واضحا في قمة كامب ديفيد التي عقدت منذ تسع سنوات حين كان الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مترجما لأقوال رئيس الوزراء الإسرائيلي باراك ليس إلا كما نقل الشهود.
كل الأجواء الصاخبة التي عاصرت الشهور الماضية والحدية الأميركية ذهبت بالمراقبين بعيدا باتجاه حل الأزمة العالقة والمصبوغة بالدم حين بدا أوباما ومبعوث الخارجية ميتشل أكثر تصميما لوقف الاستيطان في الضفة الغربية ولكن بدا أن كل تلك الحركة وما صاحبها من ضجيج لم تتمخض سوى عن مصافحة هزيلة أشبه بتلك المصافحات التي لم يعد يأبه بها المراقبون لكثرة تكرارها والأسوأ أنها بين زعيمين أحداهما لا يدخر فرصة للتملص من أي استحقاق للتسوية والأخر علق نفسه على شجرة وقف الاستيطان ولم يجد فرصة للنزول عنها فذهب مكرها ارضاءا للإدارة الأميركية بالرغم من معارضة شعبه للقاء نتنياهو .
ماذا يملك الرئيس الفلسطيني وهل يستطيع رفض لقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي حين يصبح ذلك مطلبا أميركيا ،من الطبيعي أن يقبل الرئيس الفلسطيني ذلك اللقاء ولو مكرها فليس له من الخيارات سوى الظهور بمظهر الباحث عن السلام بما يكلفه ذلك من شعبيته بانتقادات لم تبخل الفصائل الفلسطينية فيها بعد إعلانه السابق رفض لقاء نتنياهو إلا بعد تجميد الاستيطان معتقدا أن الولايات المتحدة ستلزم نتنياهو .
إسرائيل ليست ملزمة بتقديم أية تنازلات لا ارتباطا بقواها الذاتية بل بما توفر لها من ظروف موضوعية ساهمت في تصليب موقفها فهي ليست في وضع ضاغط يجيرها لتقديم تنازلات في الوقت الحالي فعوامل الضغط فلسطينيا وعربيا غائبة تماما وهو ما يجب أن يلعب الدور الأكبر في التأثير عليها ففي مقال نشر قبل أسابيع بعنوان" أعداؤنا يحرسوننا" في إحدى الصحف الإسرائيلية أشار إلى أن إسرائيل تعيش أفضل مراحلها الأمنية حيث وفرت حريين إسرائيليتين على جنوب لبنان وغزة فرصة ردعية جعلت من حزب الله في الشمال وحركة حماس في الجنوب وهما ألد أعداء إسرائيل كما يفترض جعلت منهما الأكثر حرصا على أمن إسرائيل حيث تتنصل منظمة حزب الله من أي صاروخ يطلق على شمال إسرائيل وفي الجنوب فان حركة حماس تقوم بدور الحارس الذي يمنع إلقاء الصورايخ أو العمليات عليها وبذلك فان دولة إسرائيل لم تعد مهددة أمنية ومن يقوم بحراستها هم أشد أعداؤها ليس فقط أصدقاءها .
أما بالنسبة للحالة العربية التي تشكل عنصر الضغط على الولايات المتحدة فيبدو أن مساهمتها في تحريك الملف الفلسطيني أضعف من أن تشكل قوة ضغط على إسرائيل فالحالة العربية هي حالة بدائية في ممارستها للسياسة حيث الاعتماد على حسن النوايا بطريقة قبلية عشائرية بعيدا عن احتراف السياسة التي تجيد إسرائيل العمل بها وتراكم انجازات وتتملص من لحظات الأزمة والضغط وتنقل الكرة للملاعب العربية والفلسطينية لحظة اشتداد الخناق.
شهدت الشهور الماضية محاولات أميركية لمقايضة بائسة عنوانها تجميد الاستيطان مقابل تطبيع عربي ولم يستطع العرب تسويق مبادراتهم التي قدمت قدرا كبيرا من التنازلات التي لم تحلم بها إسرائيل كدولة مشروطة بانسحابها من أراضي العام 67 مقابل تطبيع كل الدول العربية وتنازل عن حق للاجئين الفلسطينيين بالعودة حين نصت على "حل عادل للاجئين" ولكن إسرائيل لم تأبه لتلك المبادرة وردت عليها باحتلال الضفة الغربية وبقى العرب في حالة من الركون الانتظاري بعيدا عن الفعل السياسي واللعب بممكنات القوة التي ترغم إسرائيل.
فإذا كانت الحالة الفلسطينية بضفتها وغزتها تضع نفسها في خدمة الأمن الإسرائيلي ليس فقط في المنطقة التي يتواجد فيها المبعوث الأخر الأميركي كيث دايتون ولكن في غزة أيضا وإذا كانت الحالة العربية أضعف من أن تمارس سياسة الضغط حين تركن للنوايا الطيبة وتعجز عن ممارستها وفقا للوبيهات الضغط التي تجيدها إسرائيل ولم يتعلمها العرب بعد فالسياسة ليست منظومة أخلاقيات وقيم بقدر ما هي منظومة مصالح ومراكز قوى.
هناك رأي عام دولي بدأ يتشكل في الشهور الأخيرة ضد إسرائيل بعد اكتشاف تلاعبها وتهربها من استحقاقات التسوية ولم يكن بإمكان الرئيس الفلسطيني مقاطعة القمة ليظهر كمن لا يريد السلام ويلقى الكرة في ملعبه بعد أن أصبحت في الملعب الإسرائيلي فالتسوية تعني مفاوضات على إسرائيل أن تدفع استحقاقاتها لهذا ببساطة تتهرب منها وليس لدى الطرف الفلسطيني ما يدفعه وإن جرى الحديث عن وقف التحريض ووقف العمليات فهي متوقفة أصلا وقد قدمت حماس بنموذجها الأمني ما يجرد إسرائيل من مطلب وقفها في غزة العاجز عنه الرئيس الفلسطيني نظرا لعدم سيطرته على هذا الجزء من الوطن لهذا فان الوضع الفلسطيني أكثر استجابة للشروط الدولية ما يضع إسرائيل أمام مفاوضات عليها أن تدفع استحقاقاتها ومن هنا فان التهرب الإسرائيلي يبدو مفهوما تماما ولكن إلى متى ؟
رغم القمة البادرة إلا أن العالم وعلى رأسه الولايات المتحدة لن يحتملوا طويلا مناورات إسرائيل ويبدو أن الولايات المتحدة لديها ما تقوله في ملف التسوية حول ترسيم الحدود ،الذي يعتبر مفصليا بما يتجاوز مسألة الاستيطان ويسحب الذريعة من إسرائيل بما يحافظ على حكومتها اليمنية التي يحتاجها أوباما كونها القادرة على تطبيق اتفاق دون سواها ويضعها أمام الحقيقة التي لا مفر منها وهذا يتطلب خروج العرب من حالة الكمون والركون إلى النوايا الأميركية لوحدها التي سترفع يدها عن الملف الفلسطيني إذا لم يتحرك العرب بما يمتلكون من إمكانيات تضع الرئيس الأميركي والولايات المتحدة أمام معادلة الربح والخسارة في السياسة التي تحسبها وفقا لتلك المعادلة فإذا لم تخسر أن تهدد الولايات المتحدة فلماذا ستحرق أصابعها في قضية بإمكانها أن تصطاف بعيدا عنها وهل الولايات المتحدة ستصبح أكبر حرصا على الفلسطينيين من العرب أنفسهم،ولماذا يخسر الرئيس الأميركي أصوات اليهود وهو مقبل على انتخابات الكونجرس بعد أربعة عشر شهر إذا لم يشعر بخسارة أكبر من جانب العرب؟؟
Akram55@hotmail.com
| |
|