محمد المشرف العام
عدد المساهمات : 1001 تاريخ التسجيل : 23/07/2009 الموقع : alasaalah.ahlamontada.net
| موضوع: جَمْعَة عالماشي .... الإثنين سبتمبر 28, 2009 11:10 am | |
| [url=http://www.maannews.net/arb/Search.aspx?AUTHOR=هاني عوكل]الكاتب: هاني عوكل[/url] لم يحظ اللقاء الثلاثائي الماضي الذي جمع رؤساء كل من أميركا والسلطة الفلسطينية وإسرائيل في نيويورك، بالحسنات والبركات عند المتابعين للشأن السياسي في المنطقة، انطلاقاً من نقطة الصفر التي لم تتحرك سنتيمتراً واحداً نحو الوصول إلى اختراقات إيجابية في ذلك اللقاء.
أوباما كان معنياً في لقاء يجمع عباس ونتنياهو، أولاً لإحداث الحراك السياسي المفاوضاتي المنقطع بسبب موقف الرئيس عباس الرافض للاجتماع بنتنياهو على خلفية موقف الأخير من الاستيطان، وثانياً لمحاولة إذابة الجليد عن المصطلح الإسرائيلي "الاستيطان في القمة"، وثالثاً لإنجاح مساعي ميتشل ومحاولاته الفاشلة في تحريك الوضع "النائم" في المنطقة.
على الجانب الأميركي بدا أوباما مقتنعاً بيباسة الرأس الإسرائيلية تجاه الاستيطان، وبأن حكومة نتنياهو لفظت خارطة الطريق وهي في ضوء نفي كل ما تحقق في حكومة أولمرت وغيره من الحكومات السابقة، وأصبح الحلم عند أوباما يتلخص في مواصلة اللقاءات الثنائية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي بدون شروط مسبقة.
نتنياهو حاول إزاحة ملف الصراع عن ظهره، وكثيراً ما كرر فزاعة الملف الإيراني النووي، مع العلم أن السياسة الإسرائيلية بعد استلام نتنياهو مقاليد الحكم، كانت تذهب نحو تهويل الملف النووي الإيراني وكسب التحالفات العربية ضد إيران، لإرخاء الاهتمام بملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.
الآن يدرك نتنياهو أن قواعد اللعبة تتطلب التنقل بين ملف الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي وبين الملف النووي الإيراني، لإحداث هذا الإرباك والتشتت الكبير في التوصل إلى نتائج إيجابية على صعيد الملف الأول، وخصوصاً أن نتنياهو يعلم بأن أوباما معني بالملف الأول، ليس إلا لأنه ملف دسم وجذاب ويشكل الاختراق فيه انتصاراً لأوباما نفسه.
ولكن لم يقل أوباما الكثير عشية اللقاء النيويوركي، وهذا حصل فعلاً في خطابه المقتضب أمام نتنياهو وعباس، إذ أن كل ما حصل عليه أوباما هو هذه "اللمة" السريعة، لا بل تبدل موقفه من وقف الاستيطان في الضفة الغربية، إلى الدخول في عملية تفاوضية سريعة وغير مشروطة، مع اقتناعه بقصة "ضبط" الاستيطان في الضفة!
عند نتنياهو الموضوع مختلف، فقد ذهب الرجل ويده على قلبه، وأحد المحللين الإسرائيليين قال إن نتنياهو إما سيدخل في مشكلة مع الولايات المتحدة، أو أنه سيدخل في صدام مع الداخل، أي مع اليمين الإسرائيلي، ذلك أن التوصل إلى صيغة "وقف الاستيطان" تعني العودة لنتنياهو من واشنطن في انتظار "فلقة" من اليمين الإسرائيلي.
الغريب في الموضوع أن نتنياهو أكد موقفه الرافض لوقف الاستيطان، وقد نقل عشرات الرسائل عبر ميتشل إلى أوباما، مفادها أن إسرائيل لن توقف الاستيطان، وأقصى ما قد تقوم به يتصل بنشاط جزئي، ويُستثنى من ذلك القدس المحتلة، وهذا النشاط الجزئي لابد أن يسبقه نشاط مفاوضاتي مع الطرف الفلسطيني، وتحرك عربي نحو التطبيع.
ولكن لماذا كل هذا الاهتمام الإسرائيلي بالاستيطان والذي قد يصل إلى حد الاختلاف مع واشنطن؟ الإجابة تكمن في الاستثمار الإسرائيلي السريع للظروف الحالية، ذلك أن اليمين المتطرف يغذي شرعية حكومة نتنياهو بفاتورة الاستيطان، والانقسام الفلسطيني يساعد إسرائيل كثيراً في الاستمرار بعمليات التهويد المستمرة في كل أنحاء الضفة الغربية.
السبب الآخر يتصل بالوضع العربي، هذا الذي تعلم إسرائيل بأنه يقول أكثر مما يفعل، فهناك معسكرات عربية مختلفة وهي تنشط ضد نفسها، ويبدو أن الخوف من عقدة إيران يدفع بعض الدول العربية إلى زيادة الإنفاق بمليارات الدولارات على التسلح، للتمكن من مواجهة العدو الإيراني الوهمي الذي صنعته إسرائيل ونفخت فيه الروح!
إذا ما عدنا إلى الوضع الفلسطيني، سنجد أن هذا الانقسام الداخلي يغذي الانقسام العربي البيني، وبالتالي فإن قضية الاستيطان بعيدة عن الاهتمامين العربي والفلسطيني الرسميين، ذلك أنه لا يكفي رفض المشاريع الاستيطانية من قبل عباس ووضع علامة "X" على نتنياهو، ولا يكفي أسلوب الإدانة العربي، وإنما المطلوب التحرك الفعلي الجاد لوقف الاستيطان.
منذ خروج عباس للقاء نتنياهو في جمعة أوباما، و"حماس" تؤكد بأن أي توقيع أو اتفاق لن يخضع لقلم عباس طالما أنه لا يمثل الشعب الفلسطيني، وهذا يعني أن أوباما يفهم لماذا طلب نتنياهو استثناء القدس واللاجئين من أقواس المفاوضات والسلام، ولماذا يصر نتنياهو على تطبيق شعار يهودية الدولة.
سيقول نتنياهو لأوباما إن "الانقسام الفلسطيني لا يستحق دولة ثابتة ولا أكافئه بدولة مستقلة ذات سيادة وحدود آمنة، ولذلك أُعلن لعباس دولة مؤقتة تشبه حكم سلطته، ولكن على نطاق أوسع وتشمل السيطرة الجغرافية على بعض الأراضي في الضفة".
حتى أن الدولة المؤقتة التي سيمنحها نتنياهو لعباس مرتبطة بما يجب إسقاطه فلسطينياً من الثوابت الفلسطينية، ولكن هذه الفاتورة التي يعتبرها نتنياهو مكلفة وهي الدولة المؤقتة، ستكون آخر الخيارات الإسرائيلية، أي أن السقف الإسرائيلي الأعلى للتطبيق يمثل السقف الفلسطيني الأدنى، وهو مرهون في كل الأحوال لعوامل الضغط الأميركي والدولي المختلفة.
وهذا يعني أن مشروع السلام الأميركي لا يشمل مشروع السلام الفلسطيني، لا يشمل مشروع السلام الإسرائيلي، فالإدارة الأميركية تريد دولة فلسطينية مستقلة، حتى الآن لا أحد يعرف إن كانت ذات سيادة وشاملة القدس، المهم أن أوباما يريدها دولة، وهي في كل الأحوال "دولة مُلتسبة"، وأما مشروع السلام الإسرائيلي فقائم على توسعة الحكم الذاتي القائم تحت مظلة دولة مؤقتة. والمشروع السلامي الفلسطيني مختلف تماماً عن المشروعين الأميركي والإسرائيلي.
آخر ما قاله نتنياهو بعيد لقاء نيويورك الثلاثائي، هو أنه من الضروري التطرق إلى جذور الصراع، على اعتبار أنه يسبق الاستيطان بخمسين عاماً، ويرفع نتنياهو التساؤل إلى الفلسطينيين إن كانوا معنيين في الوصول إلى سلام حقيقي دائم، ثم جدد رفضه الانسحاب من حدود العام 1967، وعرج على لقاء أوباما بالقول إن الأخير سبق وأن طالب بدولة فلسطينية مستقلة على الحدود 67 في القاهرة، وجاء ذلك في خارطة الطريق.
معنى هذا أن نتنياهو لا يقيم وزناً لأوباما ولا لموقفه حول حل الدولتين، وليس صعباً على نتنياهو إسقاط كلام أوباما من أذنه، كما أسقف خارطة الطريق. نتنياهو طالب الفلسطينيين في اجتماع الجمعية العمومية لللأمم المتحدة في نيويورك بأن يفتحوا أذرعهم للدولة اليهودية، حتى تكون لهم "الدويلة". هذه فزاعة قديمة تضاف إلى فزاعة النووي الإيراني.
يبقى أن السياسة الفلسطينية واقفة في جهة "المُنتظر"، فهي لا تمتلك أدوات الضغط لأن ضغطها مرتفع من الانقسام الداخلي القاتل، وهذا يعني أن قمة رد الفعل لديها مرتبط بالتحرد أو الانتظار. إذا كان نتنياهو بهذه الدرجة السيئة فهذا في المقابل يتطلب التحضير لجولة جريئة ومسؤولة لإنهاء الاقتتال الفلسطيني الداخلي والتوصل إلى اتفاق وطني شامل، حتى نواجه نتنياهو ومخططاته، وحتى لا يتهرب المجتمع الدولي من قصة أن الفلسطيني مقسوم على اثنين!
| |
|